يحيى بن زكريا هو أحد الأنبياء الذين أرسلوا لبني إسرائيل، كرَّمه رب العالمين فهو من سماه، قال الله تعالى في سورة مريم : ” يا زَكريّا إنَّا نبشِّركَ بغلامٍ اسمهُ يَحيَى لَم نجعلْ لهُ مِن قبلُ سَميًّا “، و قد اختلف العلماء في سبب تسميته يحيى، فمنهم من قال لأن الله تعالى أحيا قلبه بالإيمان، و منهم من قال إنَّ الله أحيا عُقرَ أمّه به، و منهم من قال إنَّ الله أحياه بالطاعة، فسنتعرف في مقالنا هذا قصة النبي يحيى في الإسلام، نسبه،صفاته و وفاته.
قصة النبي يحيى
رويت قصة النبي يحيى مع أبيه زكريا في القرآن في سورة مريم، حيث كان زكريا يدعو الله لكي يرزقه ولداً بعد أن كبر بالسن و زوجته كانت عاقراً، فاستجاب الله له رغم عقم زوجته و طعنها بالسن و وهب له يحيى!
و جاء ذكر النبي يحيى في أحاديث النبي صلى الله عليه و آله و سلم، منها حديث رواه أحمد بن حنبل أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال : ” إنَّ الله عزَّ و جَلّ قد أوحى إلى النبي يحيى بخمس كلمات لكي يعمل بهنَّ و يأمر بني إسرائيل لكي يعملوا بهنَّ، فكأنه أبطأ بهنَّ، فأتاه عيسى، فقال : إنَّ الله أمرك بخمس كلمات أن تعمل بهنَّ و تأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهنَّ، فإمّا أن تخبرهم و إما أنْ أخبِرَهم، فقال : يا أخي لا تفعل فإنّي أخاف إنْ سبقتني بهنّ أن يُخسف بي أو أن أعذب، قال : فجمع بني إسرائيل ببيت المقدس حتى امتلأ المسجد و قعدوا على الشرفات، ثم خطبهنّ، فقال : إنَّ الله أوحى إليَّ بخمس كلمات أن أعمل بهنَّ و آمر بني إسرائيل أن يعملوا بهنَّ، أولاهن : لا تشركوا بالله شيئاً فإنَّ مَثلَ من أشرك بالله كمثلِ رجلاً اشترى عبداً من خالِص ماله أو ورقه ثم أسكنه داراً، فقال : اعمل و ارفع إلي فجعل يعملُ و يرفعُ إلى سيده، فأيُّكم يرضى أن يكون عبده كذلك، فإنَّ الله خلقكم و رزقكم فلا تشركوا به شيئاً، وإ ذا قمتم إلى الصلاة فلا تلتفتوا فإنَّ الله يُقبِلُ بوجهه إلى عبده ما لَمْ يلتفت، و أمركم بالصيام، و مَثلُ ذلك كمثلِ رجلٍ في عصابةٍ معه صرةُ مِسكٍ، كلهم يحبُ أن يجد ريحها و إنَّ الصيام أطيبُ عند اللهِ من ريحِ المسك، و أمركم بالصدقةِ، و مثل ذلك كمثلِ رجلٍ أسرَّه العدو فأوثقوا يده إلى عنقه و قربوه ليضربوا عنقه، فجعلَ يقولُ : هل لكم أن أفدي نفسي منكم و جعلَ يُعطي القليل و الكثير حتى فَدَى نفسه، و أمركم بذكر الله كثيراً و مَثلُ ذلك كمثلِ رجلٍ طلبه العدو سِراعًا في أثره حتى أتى حصنًا حصينًا فأحرز نفسه فيه، و كذلك العبدُ لا ينجو من الشيطان إلا بذكر الله “.
ذكر النبي يحيى في القرآن الكريم
ضمن فقرات قصة النبي يحيى، نذكر المواضِع القرآنية التي ذكِرتْ في النبي يحيى عليه السلام. و هذه المواضِع هي كالتالي :
- قال الله تعالى في سورة آل عمران : ” فنادتهُ الملائكة و هو قائمٌ يصلّي في المحراب أنّ الله يبشركَ بيحيى مصدِّقًا بكلمةٍ من الله و سيّدًا و حَصورًا و نبيًا من الصالحين “.
- قال الله تعالى في سورة مريم : ” يا زَكريّا إنَّا نبشِّركَ بغلامٍ اسمهُ يَحيَى لَم نجعلْ لهُ مِن قبلُ سَميًّا “ [1].
- قال الله تعالى في سورة مريم : ” يا يحيى خذِ الكتابَ بِقوةٍ و آتيناهُ الحكمَ صَبيًّا “.
- قال الله تعالى في سورة الأنعام : ” و زكريّا و يَحيى و عيسَى و إلياسَ كلٌّ مِنَ الصالحين “ [2].
- قال الله تعالى في سورة الأنبياء : ” فاستجبنا له و وهبنا له يحيى و أصلحنا له زوجه إنَّهم كانوا يسارعونَ في الخيراتِ و يّدعوننا رغبًا و رهبًا و كانوا لنا خاشعين “ [0] www.quran.com | Al-Anbiya[/ref].
قصة النبي يحيى | صفاته
ضمن سرد قصة النبي يحيى نذكر صفاته، فقد قام كعب الأحبار بوصفه قائلًا :
- لقد كان النبي يحيى حسن الوجه.
- قصير الأصابع.
- ليّن الجناح.
- مقرون الحاجبين.
- طويل الانف.
- رقيق الصوت.
- كثير العباد.
- قوياً في طاعة الله يساند الناس في عبادة الله عزّّ و جَلّ.
و لقد كان النبي يحيى بن زكريا عليهما السلام، أول من أقرّ بالنبي عيسى ابن مريم و صَدَّقه، فلقد كان النبي يحيى أكبر من النبي عيسى بستة أشهر، و كانت إِيشَاع أم النبي يحيى تقول لأختها مريم أم النبي عيسى : ” إنّي أرى ما في بطني يسجدُ لِما في بطنك “.
و قد كان النبي يحيى بارًّا بوالديه و طائعاً لهما، و كان ينفرد بالناس و يأنَس إلى البراري وي أكل من أوراق الأشجار و يرِد ماء الأنهار و كان يقول : ” من أنعمُ مِنكَ يا يحيى “.
قال ابن مبارك عن وهيب بن الورد أنه قال : فقد النبي زكريا ابنه يحيى لمدة ثلاث أيام فخرج يلتمسه في البراري فوجده قد احتفر قبرًا، و قعدَ فيه يبكي على نفسه فقال زكريا : ” يا بني أنا أطلبكَ منذ ثلاثة أيام و أنت في قبرٍ قد احتفرتهُ تبكي فيه ؟ فقال يحيى : يا أبتي ألستَ من قال لي أنَّ بين الجنة و النار مفازةً لا تقطعُ إلا بدموع البكّاءين، فقال زكريا لابنه : اْبكِ يا بني، و بكى معه “. فلقد كان يحيى كثير البكاء حتى إنّض أثر البكاء في خديه من كثرة الدموع!
قصة النبي يحيى | وفاته
لقد مات نبي الله يحيى على يد أحد ملوك بني إسرائيل و لقد ذبحَ و هو في المِحراب، و قد قيل أنّ الملك هيردوس قد أحب هيروديا ابنه أخيه و كان يريد الزواج منها، و لكن كان هذا محرّمًا في شريعتهم أنذاك، فبيّنَ النبي يحيى للملك حرمة ذلك الزواج فحقد الملك هيرودس على النبي يحيى عليه السلام فأراد معاقبته على محاولة التصدي لرغبته فأمر بقتله و إحضار رأسه، فدخل جند الملك هيرودس على النبي يحيى و هو قائم في المحراب يتعبَّد الله عزَّ و جلّ فقاموا بذبحه ثم قطعوا رأسه و أرسلوه لملكهم هيرودس فأمرَ بدفنِ الرأس في المسجد الأموي في دمشق و بدنه في فلسطين.
القصص المستفادة من قصة النبي يحيى
من أكثر القصص المستفادة من قصة النبي يحيى التي يستلهمها المسلم هي :
- كثرة الأنبياء و الرسل الذين أرسلهم الله لبني إسرائيل لعدم أيمانهم و إقدامهم على قتل الرسل و مطاردتهم.
- يجب اتخاذ المسلم للأنبياء قدوة في صفاتهم و أقوالهم و أفعالهم فهم خير القدوة.
- على المسلم أخذ الأمور في حياته بجدّية و مسؤولية و هذا من صفات عباد الله المؤمنين.
- إنَّ تطهير النفس و كبح جماحها عن الشهوات و بحملِها على الفضائل و فعل الخير و البرّ بالوالدين و الإحسان لهما، من الصفات الفاضلة التي يجب على العبد المؤمن أن يتحلّى بها و يحرُص عليها و يعمل على اكتسابها و يمارسها في حياته اليومية.
ثم إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا الذي تعرّفنا فيه على قصة النبي يحيى.
اقرأ أيضًا :
قصة النبي إدريس بشكل مختصر وشيّق
تعرّف إلى قصة النبي يعقوب بشرح بسيط
قصة النبي موسى عليه السلام بشكل بسيط
تعرف على قصة النبي يوسف عليه السلام
المراجع
- ↑ www.quran.com | Surah Maryam
- ↑ www.quran.com | Al An’am chapter