تقرير كامل عن داء اللشمانيا الجلدي “حبة السنة”

تقرير كامل عن داء اللشمانيا الجلدي “حبة السنة”

يقارب عدد المصابين بداء اللشمانيا من المليون و 700.000 حالة سنوياً، مما يجعله أحد الأمراض الشائعة، و التي تنتشر على وجه الخصوص في البلدان النامية، التي تشهد اكتظاظ سكاني كبير، و ضعف خدمي، و سوء تغذية يؤدي إلى ضعف في المناعة، و لا يقتصر داء اللشمانيا على نوع واحد و حسب، بل يتوزع على ثلاث أشكال و هي الحشوي، و الجلدي، و المخاطي الجلدي، و القاسم المشترك بين هذه الأنواع  الثلاثة هو العائل الناقل للطفيلي المتسبب بهذا الداء [1] ، و لما كان النوع الجلدي من اللشمانيا هو الأكثر انتشاراً، فإننا سنفرد هذا المقال للحديث عنه. فتابع قراءة المقال حتى النهاية لتحيط علماً بكل التفاصيل المتعلقة بهذا المرض.

نبذة عن داء اللشمانيا

داء اللشمانيا

يمكن القول بأنّ داء اللشمانيا و على اختلاف أنواعه سواء الحشوية منها أو الجلدية، مرض شائع جداً في العالم، إلا أنّ أكثر أنواعه انتشاراً هو اللشمانيا الجلدي الذي يكون على شكل تقرحات جلدية، يصل حجم القرحة منها إلى ما يقارب بضعة سنتيمترات في بعض الأحيان، و على الرغم من توفر العلاج القادر على تطبيب هذا الشكل من العدوى، إلا أنّ التقرحات الجلدية التي تنتج عن الإصابة بهذا المرض، تبقى واضحة على مدار شهور عديدة، و من هنا أتت سمية داء اللشمانيا الجلدي بحبة السنة.

هذا و جاءت تسمية هذا المرض باسم داء اللشمانيا، نظراً لكون العامل المسبب له، هي طفيليات وحيدة الخلية من عائلة اللشمانيات، و التي يحدث أن تنتقل إلى الإنسان على إثر تعرض الأخير للدغة أنثى ذباب الرمل من عائلة الفواصد، و التي تعتبر على اختلاف أنواعها التي تصل إلى 90 نوع، العائل الحاضن لهذه الطفيليات، حيث تستطيع هذه الطفيليات العيش في أمعاء ذبابة الرمل، و في الخلايا البلعمية التابعة للجهاز المناعي الخاص بالبشر [2] .

ما تقدم يفسر تظاهر هذه الشكاية على المناطق المكشوفة من الجلد. و التي يحدث في الكثير من الأحيان ألا تكون مغطاة، كالوجه و الأطراف، لسهولة لدغها من قبل هذه الحشرات.

أنواع داء اللشمانيا

قبل أن نأتي على الحديث بشيء من التفصيل عن داء اللشمانيا الجلدي، سنعمل بدايةً على توضيح أنوع هذا الداء. على اعتبار أنّه يكون على هيئة شكلين أخرين، علاوة على النوع الجلدي منه [3] :

  • أولاً: داء اللشمانيات الحشوي

يتظاهر هذا النوع من داء الليشمانيا بمجموعة من الأعراض الخطيرة ليس أخرها، الترفع الحروري الذي يكون على شكل نوبات، إضافة إلى إبداء المريض لخسارة كبيرة في الوزن، فضلاً عن تضخم الكبد و الطحال، و فقر دم، و إنّ هذه الأعراض و مضاعفاتها غالباً ما توصل المريض إلى حتفه، و ذلك في 95% من الحالات، و بحسب التقارير الوردة من منظمة الصحة العالمية فإنّ عدد الإصابات بهذا النوع تتراوح ما بين 50.000-90.000 إصابة سنوياً، و جل هذه الإصابات تكون في افريقيا، و البرازيل، و الهند.

  • ثانياً: داء اللشمانيا الجلدي

و هو موضوع مقالنا، على اعتبار أنّه اشيع أنواع هذا الداء. و عادةً ما تقتصر أعراضه على تقرحات جلدية تظهر مكان اختراق الطفيليات لسطح الجلد، و غالباً ما تخلف هذه التقرحات ندبات دائمة، و الجدير بالذكر أنّ هذا النوع من داء اللشمانيا ينتشر بشكل خاص في الأمريكيتين، و في دول الشرق الأوسط، و حوض البحر الأبيض المتوسط.

  • ثالثاً: داء الليشمانيا المخاطي الجلدي

يؤول عن هذا النوع من اللشمانيات ضرر كبير جزئي أو كلي للغشاء المخاطي الخاص بالأنف، و الفم، و الحنجرة. و غالباً ما تتركز إصابات هذا النوع في البرازيل، و بوليفيا، فضلاً عن أثيوبيا، و البيرو، و ذلك بحسب ما جاء على لسان منظمة الصحة العالمية.

كيف تحدث العدوى بهذا الداء؟

تنتقل الطفيليات المسببة لداء اللشمانيا بين إنسان مصاب و أخر سليم بتوسط ذبابة الرمل. مع تعذر انتقاله بين شخص و أخر دون هذه الوساطة، و تجدر الإشارة هنا إلى كون ذبابة الرمل هذه تنتشر في أغلب أرجاء العالم، و هي تشبه إلى حد بعيد البعوض، مع حجم لا يتعدى ال 3 ملم، و تنشط هذه الحشرات من غروب الشمس حتى الفجر.

و بالحديث عن دورة حياة الطفيلي المسبب للعدوى فهي تكون على الشكل التالي:

  • أولاً: لدى لدغ ذبابة الرمل الفقاري سواء الحيوان أو الإنسان، فإنها تعمل على نقل الشكل السوطي من طفيلي اللشمانيا إلى الجلد، لينتهي الأخير بدوره في الخلايا البلعمية. و هناك يصار إلى أن يتحول للشكل اللاسوطي.
  • ثانياً: عندما تلدغ ذبابة رمل أخرى سليمة الإنسان المصاب، فإنها و لدى ابتلاعها للدم يحدث أن تنتقل بعضاً من الطفيليات إلى أمعائها، ليحدث أن تتحول هذه الطفيليات إلى الشكل السوطي من جديد، لتتكاثر في الأمعاء، و من ثم تهاجر إلى البلعوم.
  • ثالثاً: لدى قيام الحشرة المصابة بلدغ إنسان سليم، فإنّها تعمل على نقل الطفيليات إليه.

أعراض داء اللشمانيا الجلدي

قد لا يبدي المصاب بداء اللشمانيا الجلدي أية أعراض. و من المحتمل في أحيان أخرى أن تؤول لديه الإصابة إلى قرحة جلدية واحدة أو أكثر، تبدي التئام و استشفاء بطيء، كما أنّه عادةً ما يزداد حجمها و يتغير شكلها مع مرور الوقت، إذ تأخذ شكلاً يشبه فوهة البركان، نتيجة ارتفاع الحواف المحيطة بالآفة، أضف إلى ما تقدم أنّه من الممكن في بعض الحالات أن تتورم الغدد اللمفاوية القريبة من المنطقة المصابة بالقرحة.

الجدير بالذكر أنّه من الممكن أن تترافق العلامات السابقة بأعراض غير موضعية عند المريض، كأن يبدي المريض ترفع حروري، و عدم ارتياح بطني، علاوةً على فقدان الوزن، و انعدام الشهية، و التعرق الليلي.

العوامل التي تساهم في الإصابة بداء اللشمانيا الجلدي

تأتي الإصابة بداء اللشمانيا الجلدي، نتيجة اختراق طفيليات اللشمانيا لسطح الجلد. عقب تعرض الأخير للسع من قبل ذبابة الرمل، لتنتقل هذه الطفيليات إلى الخلايا البلعمية و تعمل على التكاثر هناك، و يمكن القول بأنّه توجد العديد من العوامل التي من الممكن أن تساهم في زيادة احتمالية تعرض المريض لهذا الداء. و من هذه العوامل نذكر:

  • الظروف الاجتماعية القاسية، كالفقر، و ضعف الخدمات، و رداء السكن. حيث أنّه من المتوقع عن هذه العوامل ضعف في تصريف النفايات، و بالتالي هذا من شأنه ان يؤدي إلى زيادة  تكاثر ذبابة الرمل الناقلة لعدوى اللشمانيا.
  • سوء التغذية من العوامل التي تساهم في تفاقم شكل الإصابة. كأن يعاني المريض من عوز تجاه البروتين، و الحديد، و فيتامين A، و الحديد.
  • التغيرات المناخية التي تأتي على شكل تقلبات خفيفة في حرارة الطقس، مع رطوبة عالية في الجو، تؤثر بشكل كبير على انتشار نواقل المرض.

كيفية تشخيص داء اللشمانيا الجلدي

يعتبر التشخيص السريري و التعرف على الآفة عيانياً الطريقة الأولى في التوصل إلى تشخيص آفة اللشمانيا. و في حال أراد الطبيب توكيد التشخيص الذي توصل إليه، فمن الممكن اجراء ما يلي من اختبارات:

  • خزعة من القرحة الجلدية.
  • من الممكن أخذ مسح من المخاط الأنفي، لتحديد نوع داء اللشمانيا،  و لاستبيان خطر وقوع اللشمانيا الجلدي المخاطي.

المضاعفات المحتملة حال عدم العلاج

إذا لم يعمل المريض على علاج داء اللشمانيا، فمن المحتمل أن تتطور لديه المضاعفات التالية:

  • تشوهات دائمة.
  • ندبات.
  • نزيف.
  • التهابات قد تكون قاتلة.

كيفية علاج داء اللشمانيا الجلدي

في حال كانت الإصابة بداء اللشمانيا لا تتعدى الآفة الواحدة، مخلفة ندبة صغيرة لا تشكل عيباً من الناحية الجمالية، فمن الممكن عندئذ عدم علاج المريض نهائياً، أما بالنسبة لأولئك الأشخاص الذين يبدون أكثر من آفة متقرحة سواء على الوجه أو الأطراف، فمن الممكن حينها أن نعمل على علاج هذه الآفات إما من خلال المعالجة الموضعية بالمراهم التي تتكفل قتل هذه الطفيليات، أو عبر الحقن سواء ذلك الذي يكون في موضع الآفة مباشرةً، أو عبر التسريب الوريدي. و من الأدوية التي تصرف عادةً في هذا الإطار نذكر:

  • Paromomycine: يكون هذا الدواء على شكل مرهم يطبق فوق الآفة بشكل مباشرةً.
  • Sodium Stibogluconate: يؤتى هذا الدواء حقناً، سواء في مكان الآفة مباشرةً، أو بالحقن العضلي، أو الوريدي.

أضف إلى ما تقدم أنّه في بعض الحالات قد يلجأ مقدم الرعاية الصحية إلى علاج الآفة بالآزوت، أو علاجها بالحرارة، كما أنه من الممكن اللجوء إلى جلسات الليزر بقصد علاج الآفة [4] .

سبل الوقاية من داء اللشمانيات الجلدي

للأسف لا يوجد لقاح يمكنه العمل على منع وقوع الإصابة بداء اللشمانيا. و بالتالي إن سبل الوقاية تكون قائمة على تجنب اللدغ عبر ذباب الرمل. فإذا ما كنت تعزم السفر إلى أماكن تكثر فيها مثل هذه الحشرات، فيمكن لك اتباع ما يلي من نصائح للحد من احتمالية إصابتك بالعدوى:

  • ارتداء ملابس تغطي كامل الجسم ما أمكن.
  • تجنب النشاطات التي تكون في الهواء الطلق، و ذلك في الساعات الممتدة من الغسق إلى الفجر، بسبب أن ذباب الرمل عادةً ما ينشط في هذه الأوقات.
  • بخ المناطق المكشوفة من الجلد بطارد للحشرات.
  • استخدام الناموسيات عند النوم.
  • رش أرجاء المنزل بمبيد حشري.

 

اقرأ أيضاً:

داء الزهري | أحد أشيع الأمراض المنقولة جنسياً

المراجع

  1. Leishmaniasis | www.who.int
  2. Leishmaniasis | www.cdc.gov
  3. What are the types of leishmaniasis? | www.healthline.com
  4. Leishmaniasis | www.my.clevelandclinic.org
355 مشاهدة
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى توقيف مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفح محتوى الموقع بشكل سليم.