كيفية صلاة قيام الليل | وهل صلاة قيام الليل هي صلاة التهجد

صلاتك في زاوية غرفتك ليلًا و الناس نيام، تراك فيها الملائكة كالنجم الساطع الذي تراه أنت في السماء، فتغشاك السكينة و الرحمة، فثق بأنّ اليد التي تمتد إلى الله لا تعود فارغة أبدًا، فصلاة قيام الليل فاتحة لأبوابك المغلقة و ميسِّرة لأمورك المعسّرة، بقيامها تتحقق المعجزات لأجلك، ثم لأجل دعواتك أن تستجاب، فلماذا تضيّع على نفسك فرصة النهل من خيرات قيام الليل و أسراره و فتوحاته! لا تفوّت قراءة هذا المقال الذي سنتحدث فيه عن كيفية صلاة قيام الليل.

كيفية صلاة قيام الليل

قيام الليل يبدأ من بعد صلاة العشاء ( الوتر ) إلى ما قبل صلاة الفجر، حيث تصلّى صلاة قيام الليل مثنى مثنى أي ركعتين ركعتين، يقرأ فيهما المصلّي ما شاء من سوَر القرآن الكريم، و قد ذهب جمهور الفقهاء من الشافعية و المالكية و الحنابلة، و غيرهم من الفقهاء العلماء إلى ذلك، و الذي يدل على كيفية صلاة قيام الليل قول النبي الكريم صلى الله عليه و آله و سلم عندما سأله رجلٌ عن كيفية صلاة قِيام الليل، فقال له : ” مثنى مثنى، فإذا خَشِيَ الصُّبح صَلَّى واحدةً، فأوتَرَت له ما صَلَّى “، أي يمكن للمصلّي الذي يخاف أن تذهب عليه صلاة القيام وقت السَّحر فعليه أن يوتِر قبل النوم ^[1].

كيفية صلاة قيام الليل | عدد الركعات

ذكرنا أعلاه بأنّ صلاة قيام الليل مثنى مثنى، فهل هذا يعني أنّها تصلّى أربع ركعات فقط؟ بالطبع لا، فهذه الصلاة لا حصر لعدد ركعاتها، و ذلك لأنّ اللفظ القرآني جاء مطلقًا في قوله تبارك و تعالى : ” و الذينَ يَبيتونَ لِرَبِّهم سجَّدًا و قِيامًا “، أي لم يَرِد أي تحدد لعدد الركعات في الآية القرآنية الكريمة، فيجوز التنويع بين العبادات من صلاة و سجود و ذكر الله و قراءة القرآن الكريم، فكان الصحابة رِضوان الله تعالى عنهم يقومون ليلهم بالإكثار من العبادة، و قد وصف الله تبارك و تعالى رسوله الكريم صلى الله عليه و آله و سلم و أصحابهِ الكِرام، بقوله : ” إنَّ ربّك يَعلَمُ أنَّك تقومُ أدنَى من ثلثَي اللَّيلِ و نصفَهٌ “، فهذه الآية دليل وصف عام لصلاة قيام الليل دون أي تحديد لعدد الركعات.

صلاة النبي صلى الله عليه و آله و سلم لقيام الليل

أمّا إن قمنا بالبحث في السيرة النبوية عن عدد الركعات التي كان النبي صلى الله عليه و آله و سلم يصلّيها في الليل، فثبت بأنّها كانت إحدى عشرة ركعة، حيث قالت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها، لما سئلَتْ عن كيفية صلاة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم في شهر رمضان المبارك : ” ما كان يَزيدُ في رمضان و لا في غيرهِ على إحدى عشرة ركعةً، يصلّي أربَعَ ركعاتٍ، فلا تسألْ عن حسنِهِنَّ و طُولِهِنَّ، ثم يصلّي أربعًا، فلا تسألْ عن حسنِهِنَّ و طُولِهِنَّ، ثم يصلّي ثلاثًا، فقلتُ : يا رسول الله تنام قبل أن توتِر ؟ قال : تنامُ عيني و لا ينامُ قلبي “. كما ثبتَ أيضًا عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم بأنّه صلّى ثلاث عشرة ركعة، حيث قالت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها في وصفها لقيام الرسول : ” كان النبي يصلّي من الليل ثلاثَ عشرة ركعة منها الوتر، و ركعتا الفجر “.

هل صلاة قيام الليل هي نفسها صلاة التهجد

بعد أن تحدثنا عن كيفية صلاة قيام الليل السهلة، نجيب عن أكثر الأسئلة طرحًا ” هل صلاة قيام الليل هي نفسها صلاة التهجد “، في الحقيقة لا، ليست نفسها، الصلاتان لهما ثواب كبير، حيث صلاة قيام الليل تصلّى قبل النوم، أمّا صلاة التهجد فيصلّيها المسلم بعد أن ينام، فينام ليهجر مضجعه في الثلث الأخير من الليل، فعندها تسمّى هذه الصلاة ” صلاة التهجد “.

فضائل صلاة قيام الليل

وجدنا كيفية صلاة قيام الليل التي هي دأب المتّقين و شِعارُ الصالحين، و لكن ما هي فضائل قيامها، و التي نبيّنها من القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة كما يلي :

القرآن الكريم

• قال الله تعالى في سورة السجدة : ” إنّما يؤمِنُ بآياتنا الذينَ إذا ذكّروا بها خَرّوا سجّدًا و سَبّضحوا بحمدِ ربِّهم و هم لا يستكبرون* تتجافى جنوبهُم عن المضاجِع يدعونَ ربَّهم خوفًا و طمعًا و مِمّا رَزقناهم ينفقون “ ^[2].
• قال الله تعالى في سورة الإسراء : ” و من الليل فَتَهجّد بهِ نافلةً لك عَسى أن يَبعثَكَ ربكَ مقامًا مَحمودًا “ ^[3].
• قال الله تعالى في سورة الزمر : ” أمَّن هو قانِتٌ آناءَ الليلِ ساجِدًا و قائِمًا يَحذَرُ الآخِرة و يَرجو رحمةَ ربّه قل هل يَستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون إنّما يتذكَر أولو الألباب “ ^[4].
• قال الله تعالى في سورة آل عمران : ” لَيسوا سواءً من أهلِ الكِتاب أمّةٌ قائِمةٌ يَتلونَ آياتِ الله آناءَ الليلِ و هم يسجدونَ “ ^[5].
• قال الله تعالى في سورة الفرقان : ” و عبادُ الرحمنِ الذين يمشونَ على الأرضِ هَونًا و إذا خاطبَهُم الجاهِلونَ قالوا سلامًا* و الذين يبيتونَ لربِّهم سجَّدًا و قِيامًا “ ^[6].
• قال الله تعالى في سورة المزمل : ” يا أيّها المزَّمل* قمِ الليل إلّا قليلًا* نِصفَه أوِ انقُص مِنهُ قليلًا* أو زِد عليه و رتِّلِ القرآن ترتيلًا “ ^[7].
• قال الله تعالى في سورة الإنسان : ” و اذكر اسمَ ربّك بكرةً و أصيلًا* و من الليلِ فاسجد لهُ و سبّحه ليلًا طويلًا “ ^[8].

السنة النبوية الشريفة

لِما لِقيامِ الليل من فضل عظيم، ثبتت أحاديث عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم التي تبيّن فضل صلاة قيام الليل. ثم من هذه الأحاديث :

• عن عائشة رضي الله عنها : أنّ النبي صلى الله عليه و آله و سلم كان يقومُ من الليل حتى تتفطّر قَدَماهُ، فقالت عائشة : لِمَ تصنعُ هذا يا رسولَ الله، و قد غفرَ الله لك ما تقدَّمَ من ذنبِك و ما تأخَّر ؟ قال : أَفَلَا أحبُّ أن أكونَ عبدًا شَكورًا.
• قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم : ” إنّ في الجنَّةِ غرفةً يرى ظاهِرها مِن باطنها، و باطنها من ظاهِرها، فقال أبو موسى الأشعري : لِمَن هيَ يا رسول الله ؟ قال : لِمَن ألانَ الكلام، و أطعمَ الطَّعام، و باتَ لله قائمًا و الناس نيامٌ “.
• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم، قال : ” لا حسد إلّا في اثنتين : رجلٌ آتاهُ الله القرآن فهو يتلوهُ آناء الليل و آناء النهار، و رجلٌ آتاهُ الله مالًا فهو ينفقهُ آناء الليل و آناء النَّهار “.
• قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ” أفضلُ الصّيام، بعد رمضان، شهر الله المحرَّم، و أفضلُ الصّلاة بعد الفريضة، صلاةُ الليل “.
• قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ” من قامَ بعشرِ آياتٍ لم يكتبْ من الغافلين، و من قامَ بمئةِ آيةٍ كتبَ من القانتين، و من قامَ بألفِ آيةٍ كتبَ من المقنطرينَ “.

و أخيرًا، تذكّر بأنّ هناك من ينتظر آخر الليل بشوق ليصلّي دون أن يراهُ أحد، فيبوحُ بكلِّ ما في جوفه لله، أتراهُ يخذلهُ، حاشاه!

اقرأ أيضًا :

كيفية صلاة الاستخارة | و الدليل على مشروعيتها