إن دماغ الإنسان الطبيعي يعتبر من أكثر العناصر الحيوية تعقيداً على الإطلاق، وهذا لأنه قادر على تنفيذ الكثير من المهام والعمليات الحسابية في وقت سريع جداً، وعلى الرغم من أننا نعيش في عصر التطور والتكنولوجيا، إلا أن أسرار الدماغ وآلية عمله لم يتم الكشف عنها حتى الآن. وخلال سطور هذا المقال سوف نتحدث عن واحدة من أهم وأبرز استراتيجيات التفكير الهادف، وهي استراتيجية العصف الذهني. تابع معنا القراءة لمعرفة المزيد من المعلومات عن هذا الموضوع.
ما هي استراتيجية العصف الذهني
يعتبر الدماغ العنصر الأساسي المسؤول عن توليد الإبداع بالنسبة للبشر، ولكن تختلف طريقة خلق هذا الإبداع بين إنسان وآخر. فبعض البشر تقوم بالتأمل لكي تتمكن من خلق أفكار جديدة إبداعية، في حين يلجأ البعض الآخر إلى الرسم أو الغناء على سبيل المثال، وذلك بالإضافة إلى الكثير من الأساليب المختلفة الأخرى.
وبشكل عام يتم تعريف استراتيجية العصف الذهني [1] على أنها أحد أشكال الإبداع عند البشر، وما يميزها عن طريقة الإبداع التقليدية أنها طريقة جماعية وليست فردية. أي أن تطبيق هذه الاستراتيجية عادة ما يتطلب وجود أكثر من شخص في مكان واحد، أو حتى تواصل أكثر من شخص عبر وسيلة تواصل ما.
وفيها يعمل المشتركون على طرح الأفكار بطريقة ارتجالية وعفوية، على عكس الأسلوب العادي الذي يتم فيه طرح الأفكار بشكل مدروس ومنتظم. وفي النهاية، تهدف استراتيجية العصف الذهني إلى إيجاد حلول أو خلق تطبيقات أو أفكار جديدة بشكل إبداعي.
تاريخ استراتيجية العصف الذهني
لقد تم ذكر استراتيجية العصف الذهني أو كما يطلق عليها أيضاً “القدح الذهني” للمرة الأولى في عام 1939 [2] . وذلك ضمن كتاب التخيل التطبيقي للعالم الشهير أليكس أوزبورن، إذ قام العالم بالتحدث عن تعريف هذه التقنية على أنها إحدى طرق التفكير الجماعي بشكل إبداعي. التي تهدف بشكل أساسي إلى حل المشاكل أو خلق الأفكار الجديدة بشكل “خارج الصندوق” كما يقال.
ليس هذا فقط، وإنما تحدث أوزبورن ضمن الكتاب أيضاً عن طريقة تنظيم هذه الاستراتيجية، وطريقة ضبط المعايير الخاصة بها للحصول على أفضل نتائج منها. وعلى الرغم من أن بعض العلماء لم يصدقوا ادعاءات أوزبورن عن هذه الاستراتيجية، إلا أن البعض الآخر أثبت بالفعل أنها قادرة على إبراز نتائج إيجابية في بعض الأحيان.
كيف تتم استراتيجية العصف الذهني
الرائع في تقنية العصف الذهني أنه لا يجب عليك أن تفهم معناها بشكل كامل لكي تتمكن من تطبيقها. وفي الواقع، ليس بالغريب أنك قمت بتطبيق هذه التقنية من قبل دون أن تعرف معناها. وهذا لأنها تقنية طبيعية لا تمتلك أي أساسات هندسية أو رياضية تستند عليها، كما هو الحال في باقي الاستراتيجيات والطرق الذهنية المختلفة الأخرى.
ولكي تقوم بتطبيق استراتيجية العصف الذهني. ما عليك إلا أن تقوم بوضع المشكلة التي ترغب في إيجاد حل لها أمامك على ورقة أو على لوح أو حتى على جهاز إلكتروني، ومن ثم قم بتدوين أي فكرة أو موضوع يرتبط في هذه المشكلة بشكل قريب أو بعيد، دون التفكير بشكل عميق بهذه الملاحظات التي تقوم بكتابتها. وبعد ذلك، قم بإلقاء نظرة على كافة المعلومات التي تم تسجيلها على الورقة أو الشاشة أو اللوح الموجود أمامك، ويمكن أن تجد بينها حلاً يساعدك في التخلص من المشكلة، أو فكرة قريبة من الحال الذي ترغب في الحصول عليه.
فضلاً عن ذلك كله، يمكنك أن تقوم باستخدام هذه الاستراتيجية بنفسك أو مع أشخاص آخرين. علماً بأنه لا يجب عليك أن تضغط نفسك للحصول على الأفكار أو المواضيع المختلفة. فقط خذ راحتك وانتظر الأفكار لكي تتدفق من ذهنك إلى الورقة أو اللوح الذي تكتب عليه، حتى لو تطلب الأمر وقتاً أطول مما تعتقد.
استخدامات العصف الذهني
لكونها يمكن أن تساعد على حل المشاكل أو خلق أفكار أو تطبيقات جديدة. يتم استخدام استراتيجية العصف الذهني بشكل كبير في مجالات شتى، ومن أبرز هذه المجالات نذكر لك ما يلي:
- حل المشاكل بشكل عام، بغض النظر عن نوع المشكلة وصعوبتها
- التخطيط لأي مشروع بشكل مبدئي
- المساعدة في إتمام الأعمال، وخصوصاً الأعمال التي تتطلب الإبداع. مثل الرسم أو إنتاج الموسيقا أو تصميم البوسترات أو الإعلانات وغيرها
- إدارة المشاريع بأنواعها المختلفة
- الدراسة الأولية لأي فكرة أو مشروع أو مخطط
- يمكن أن تستخدم هذه الطريقة أثناء الملل لخلق أفكار جديدة فقط
العصف الذهني الإلكتروني
في حال قمت بعملية بحث عن تقنية العصف الذهني، فيمكن أن تصادف جملة “العصف الذهني الإلكتروني”. وفي الواقع تعتبر هذه الجملة عن استراتيجية العصف الذهني نفسها، ولكن ضمن العصر التكنولوجي الجديد الذي نعيش فيه، ففي حين يمكن تطبيق العصف الذهني بين أفراد فريق العمل الموجودين ضمن منطقة واحدة بعقد جلسة مخصصة. لا يمكن للأشخاص الذين يعيشون في مناطق متفرقة أن يجتمعوا. ولهذا ظهر ما يعرف باسم استراتيجية العصف الذهني الإلكتروني.
وفي هذه التقنية يتم تطبيق كافة المعايير التي تتصف بها عملية الصعف الذهني تماماً، بوجود فارق واحد أن العملية تتم عبر الإنترنت. وذلك إما بإجراء مكالمة صوتية بين الأعضاء المشاركين، أو بإجراء مكالمة فيديو. وتعتبر الطريقة فعّالة وتختصر الكثير من الوقت والجهد، ومن أبرز ميزاتها أنه يمكنك أن تقوم بتطبيقها مع صديقك المفضل بسهولة. إذ ما عليك إلا أن تقوم بإجراء مكالمة صوتية معه، وقم بتسجيل الأفكار التي يتم طرحها خلال الجلسة.
نصائح لجلسة عصف ذهني أفضل
كما ذكرنا لك سابقاً لا تتسم هذه التقنية الرائعة بأي حدود بشكل عام. ولكن لكي تتمكن من الحصول على نتائج أفضل وبوقت أقصر، إليك النصائح التالية:
- أولاً، قم بتحديد وقت معين للجلسة التي ترغب فيها بتنفيذ استراتيجية العصف الذهني. وينصح بأن لا تزيد المدة عن 90 لكي لا تفقد تركيزك بعدها
- قم بتدوين المشكلة التي ترغب في إيجاد حل لها أو القضية التي ترغب بالعمل عليها قبل تدوين أي شيء،. وذلك سواءً كانت القضية فكرة تبحث عنها أو تخطيط مسبق لشيء ما أو غيره
- في حال وجود أكثر من مشارك في هذه العملية، اسمح لكل الأشخاص بالمشاركة بآرائهم دون أي تحيز أو تشديد
- قم بطرح أفكار قريبة إلى القضية التي تعمل عليها، ولكن ليس بالضرورة أن ترتبط بها بشكل مباشر، بعبارة أخرى، لا تقم بالتفكير بالمواضيع التي يتم طرحها بشكل عميق، لأنها قد تكون ذات فائدة حتى ولو كانت بعيدة قليلاً عن الفحوى الأساسية
- حاول أن تدون أكبر عدد ممكن من الأفكار أو المخططات خلال الجلسة الواحدة
- لا تعتمد على جلسة عصف ذهني واحدة لكي تعالج مشكلة ما. تذكر يمكنك دائما أن تقوم بإجراء أكثر من جلسة وأخذ النتائج من كافة الجلسات معاً
وهنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال اليوم. حيث قمنا فيه بالتحدث عن استراتيجية العصف الذهني بشكل مبسط. من تعريف هذه الاستراتيجية إلى التاريخ الخاص بها، بالإضافة إلى أبرز أنواعها واستخداماتها ونصائح لتنفيذها بشكل أفضل. لا تتردد في تجربة هذه العملية الذهنية المفيدة حتى لو لم تعطيك نتائجاً مفيدة، لأنها تساعد أيضاً على تنشيط الدماغ ومنطقة التحليل والتخطط الموجودة فيه بشكل خاص.
المراجع
- ↑ How to brainstorm | www.lucidchart.com
- ↑ تاريخ العصف الذهني | www.ar.wikipedia.org