اصول الدين | هل هو فقه أم عقيدة أم علم قائم بذاته

اصول الدين | هل هو فقه أم عقيدة أم علم قائم بذاته

يعرف بأنه ” حسبما قام بتعريفه العلماء ” : هو علم يقتدر به على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج عليها، و دفع الشبه عنها و إلزام الخصم بها. إنّه علم ” اصول الدين “، أو ” علم الفقه الأكبر ” كما سمّاه العالِم الفقهي الإمام الكبير أبو حنيفة النعمان. فما هو تعريف اصول الدين و ما هي وظيفته التي جاءت لها الشريعة الإسلامية و ما هي أسماءه، هذا ما سنتعرّف عليه في هذا المقال، فشمّر عن ساعديك و اطلب من الله التفقه في دينك.

تعريف اصول الدين | باعتباره عَلَمًا

تعريف اصول الدين | باعتباره عَلَمًا

كتعريف عام لاصول الدين، قمنا بذكره في المقدمة، و لكن ينبغي التفصيل أكثر من حيث كونه عَلَمًا أو مضافًا. فعلم اصول الدين هو علم يتم البحث فيه عن أسماء الله سبحانه و تعالى و عن أفعاله و عن صفاته. إلى جانب البحث أيضًا عن أحوال مخلوقات الله من الأنبياء و الملائكة و الأولياء. و بلا شك هذا البحث يعتمد على قانون دين الإسلام و ليس على أصول و قواعد الفلاسفة!. كما أن البحث من أجل الوصول إلى اليقين المطلق في الإيمان و دفعًا للشبهات. و قد قام العلماء بتعريف اصول الدين وفق أكثر من تعريف، و بالطبع جميع هذه التعاريف صحيحة [1].

1- تعاريف العلماء لاصول الدين

  • عرّف العالِم محمد علي التهانوي اصول الدين : ” هو علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية على الغير، بإيراد الحجج و دفع الشُّبه، و في اخيتار إثبات العقائد على تحصيلها. إشعار بأن ثمرة ( الكلام ) إثباتها على الغير، و بأنّ العقائد يجب أن تؤخذ من الشرع ليعتدَّ بها، و إن كانت مِمّا يستقل العقل فيه “.
  • أمّا العالِم ابن خلدون فقد عرّفه بأنّه : ” علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية و الرد على المنحرفين في الاعتقادات “.
  • عرّف العالِم الكمال بن الهمام علِم اصول الدين : ” معرفة النفس ما عليها من العقائد المنسوبة إلى دين الإسلام عن الأدلة “.
  • ليأتي العالِم محمد فريد وجدي و يعرّف هذا العلِم في دائرة معارف القرن العشرين : ” هو علم يشتمل على بيان الآراء و المعتقدات التي صرّح بها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم. و إثباتها بالأدلة العقلية، و نصرتها و تزييف كل ما خالفها “.
  • ثم عرّف علم اصول الدين محمد عبده في كتابه رسالة التوحيد : ” هو علم يبحث عن وجود الله، ما يجب أن يثبت له من صفات و ما يجوز أن يوصف به، و ما يجب أن ينفى عنه. و عن الرسُل ما يجب أن يكونوا عليه، و ما يجوز أن ينسَب إليهم و ما يمتنع أن يلحَق بهم “.
  • أمّا في المواقف في علم الكلام عرّف عضد الدين الإيجي علم اصُول الدين : ” هو علم يقتَدر معه على إثبات العقائد الدينية على الغير بإيراد الحجج و دفع الشُّبه، و المُراد بالعقائد. ما يقصد فيه نفس الاعتقاد دون العمل، و بالدينية المنسوبة إلى دين محمد صلى الله عليه و آله و سلم، فإنّ الخصم و إن خطَّأناه، لا نخرجه من علماء الكلام “.

2- الاستنتاج المستنبط من تعاريف العلماء لعلم اصول الدين

و من التعاريف السابقة للعلماء لعلم اصول الدين، نستنتج بأنّ هذا العلِم عرفَ باسم ” علم الكلام “. و من العبارات السابقة أيضًا نجد عدّة أمور هامّة تناولت موضوعات هذا العلِم و وظيفته و مسائله. أهم هذه الأمور :

  1. يعتمد علم اصول الدين على منهاج البحث و الاستدلال العقلي و النَظَر، من أجل إثبات العقائد الدينية التي هي ثابتة أصلًا بالوحي.
  2. الوظيفة الأساسية الجوهرية و التي تعتبر لبّ اصول الدين، هي الاحتجاج العقلي على مدى صحة العقائد الإيمانية، و من ثم دفع الشبهات عنها و ردّ الخصوم.
  3. منشأ الخِلاف بين العلماء في تعريف هذا العلم هو أنّ : هل العقائد الإيمانية ثابتة بالعقل أم بالشرع؟ و في هذا قولين، الأول قول أهل السنة و السَلَف من الماتريدية و الأشاعرة : مهمة العقل تتجلّى في الفهم و التفقّه عن الشرع و التماس البراهين و الأدلة للعقائد الإيمانية و دفع الشبهات عنها، في حين يكون القول الثاني قول العقلانيون من الشيعة و المعتَزِلة : إنّ الذي يقرر العقائد الدينية هي النصوص الشرعية بأدلّتها العقلية.

شرح المفردات

  • الماتريدية : هي عبارة عن مدرسة إسلامية سنّية، سميت بهذا الاسم نسبة إلى مؤسسها أبي منصور الماتريدي. حيث ظهرت في بلاد ما وراء النهر و سمرقند في أوائل القرن الرابع الهجري.
  • الأشاعِرة : هي عبارة عن مدرسة إسلامية سنّية، و هي قبيلة.
  • السَلَف : هو اسم يطلق على المسلمين الذي عاشوا في أوائل القرون الثلاثة من الإسلام.
  • المعتزلة : هي عبارة عن فرقة كلاميّة ظهرت بداية القرن الثاني الهجري ( أواخر العصر الأموي ) في مدينة البصرة، ثم ازدهرت في العصر العباسي. حيث يغلب على المعتزلة العقل في تأسيس أي عقيدة من عقائدهم. حتى قاموا بتقديم العقل على النقل، و قالوا : الفكِر قبل السَّمَع، و كما رفضوا الأحاديث، و إذا تعارض نص ما مع العقل، أخذوا بالعقل لأنه أصل النص.
  • الشيعة : تعتبر طائفة الشيعة هم الطائفة الثانية الأكبر من المسلمين، يعرفون في التاريخ باسم ” أتباع علي ”  أو ” شيعة علي “،  و هم يعتبرون بأن علي بن أبي طالب هو الإمام المفترض وفق نصٍ سماوي بالطاعة. و أنه المرجع الأساسي للمسلمين بعد وفاة النبي الكريم محمد صلى الله عليه و آله و سلم.

أسماء أخرى لِعلِم اصول الدين

أسماء أخرى لِعلِم اصول الدين

بعد أن تحدثنا مفصّلًا عن تعريف اصول الدين، نأتي للحديث عن الأسماء الأخرى التي يمكن أن تطرق على مسامِعنا. إلى جانب ذكر السبب الذي سميّت به :

1- علم اصول الدين

  • سمّي بهذا الاسم الذي هو محور حديثنا اليوم و عنوان مقالنا، لأنه أصل المعارف في الدين. و كون هذه المعارف ( المعارف الدينية ) تتفرّع عن هذا الأصل.
  • و لأنّه أيضًا يتكفّل بإيضاح و بيان أي شيء لا يعتبر من أركان الدين و اصوله، و بالتالي لا يمكن أن يتم الإيمان بغيابها.
  • مقابل علم التصوّف و الأخلاق الذي يكون معنيًّا بالجانب السلوكي و الأخلاقي اعتمادًا على الوجدان و الذوق الروحي.
  • في حين يأتي علم الفقه الذي يعتبر هو المتكفّل الأساسي بإيضاح كلّ الفروع العلمية في الدين و بيانها.

2- علم العقائد

  • سمّي علم اصول الدين بعلم العقائد لأنه يتكفّل البحث في العقائد الدينية.
  • و من ثم إثباتها بالأدلة بيقين لا يشوبه شائب أو شك.
  • و الدفاع عن هذه العقائد ضد أي فكرٍ أو عقيدة تخالفها.

3- علم الفقه الأكبر

  • كما ذكرنا في المقدّمة بأنّ هذا الاسم ” الفقه الأكبر ” كان قد سمّاه الإمام أبو حنيفة النعمان.
  • و السبب الذي ذكره الإمام حنيفة هو أنّ : ” الفقه في الدين أفضل من الفقه في العلم، لأن الفقه في الدين أصل، و الفقه في العلم فرع. و فضل الأصل على الفرع ِمعلوم “.

4- علم التوحيد و الصِفات

  • من أسماء علم اصول الدين هو علم التوحيد و الصفات.
  • حيث سمّي بهذا الاسم لأنّه أشهر مباحث الدين و أكثرها خطرًا و أهمية.
  • ألا و هذه المباحث هي الصفات الإلهية و التوحيد أولًا.

5- علم النَظَر و الاستدلال

  • جاءت هذه التسمية كون هذا العلم يعتمد على الاستدلال العقلي كوسيلة يتذرَّع بها لإثبات اصل العقائد. و التي هي ثابتة في النصوص الدينية.
  • ثم إنه يعتمد أيضًا على منهج و درب النَظَر الفكري.

6- علم الكلام

  • يسمّى علم اصول الدين بعلِم الكلام إمّا لأن هناك مسألة هامة تم تبادل الكلام حولها و وقع الخلاف عليها ليشتدّ النزاع في القرون الأولى. و هذه المسألة الهامّة هي : هل الله قائم بذاته أو الله مخلوق حادث؟
  • أو سمّي بهذا الاسم لأن كمال الكلام يكون بإبراز الدقائق و بيان الحقائق.
  • و قيل أن الصحابة و السَّلَف و التابعين كان يسكتون، فإذا سئلوا عن أي مسألة لها علاقة بصفات الله سبحانه و تعالى أو أفعاله، أجابوا : ” نُهينا عن الكلام في الله “.

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا اليوم، على الرغم من أنّ الحديث يطول في علم اصول الدين إلّا أننا قمنا بتعريفه كما ينبغي من غير نقصان.

اقرا أيضًا :

اعلى مراتب الدين | كن محسنًا

المراجع

  1.    اصول الدين | www.ar.wikipedia.org
143 مشاهدة

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى توقيف مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفح محتوى الموقع بشكل سليم.