الغلو في الدين | ما هو و ما هي مظاهره

الغلو في الدين | ما هو و ما هي مظاهره

إن بحثنا عن معنى كلمة الغلو أي الغلاة في معاجم اللغة العربية لوجدنا أنها تعني الخروج عن الحد المسوح به أو وضع الشيء في موضع أعلى من موضعه، و لكن ماذا يعني الغلو في الدين و كيف تتجلّى مظاهره ؟ إن كنت تريد أن تعرف فتابع معنا هذا المقال.

تعريف الغلو عامةً و في الدين خاصةً

تعريف الغلو عامةً و في الدين خاصةً

كما ذكرنا في المقدمة بأن الغلو هو الزيادة في الشيء عن الحد المسموح به، و قيل أيضًا أن الغلو في الدين هو مجاوزة الحق، و لا تقتصر كلمة الغلو على ما ذكرناه، بل هناك مصطلحات أخرى تحمل نفس معنى الغلو و إنْ حمَلَتْ اختلاف في المَبنى، ألا و هي : ” التطرّف، التزمّت، التعصّب و التنطّع. و أمّا الغلو الذي نهتْ المسلمين عنه الشريعة الإسلامية جاء على جزأين [1]. نبيّنهما كما يلي :

1- الغلو الكلي الاعتقاديّ

أول جزء من الغلو في الدين هو : الغلو الكلي الاعتقاديّ، و هو الذي يتعلّق بأي شي يكون على مِساس بكليّات الشريعة الإسلامية و مسائل الشريعة الإسلامية. و المقصود بالاعتقاديّ هو ما يتعلّق بالعقائد، و هذا الجزء ينحصر في الناحية الاعتقاديّة التي تكون منتجة للعمل مع الجوارح. و من الأمثلة التي تمثّل هذا النوع :

  • الغلو في براءة المجتمع من المعاصي.
  • الغلو في تكفير أفراد المجتمع.
  • الغلو في ادِّعاء العِصمة لِلأئِمّة.

2- الغلو الجزئي العمليّ

القسم الثاني للغلو في الدين هو الغلو الجزئي العمليّ الذي هو كلّ ما يتعلّق بجزئية من جزئيات الشريعة الإسلامية العمليّة أو أكثر من جزئية، سواء أكان هذا الغلو عملًا بالجوارح أو قولًا بالّلِسان. من أمثلته :

  • قيام الليل بأكمله.
  • اعتِزال النِّساء.
  • صوم الدَّهر.

علامات الغلو في الدين

علامات الغلو في الدين

جاءنا النبي الكريم محمد صلى الله عليه و آله و سلم بشريعة إسلامية واضحة معتدلة، لا إفراط فيها و لا تفريط، تتّسِم بالتّوسط، فقد شرّعت للمسلمين عبادات معيّنة بطريقة مخصصة حتى لا يزيد فيها المسلم شيئًا زائدًا عن حدِّه فيدخل في الغلو في الدين و الإفراط الذي حرّمه الله تعالى، فقد تجد من يلزم نفسه بِما لم يوجبه الله سبحانه و تعالى، أو يحرّم من نفسه الطيبات التي أحلّها الله من باب التعبّد، و غير ذلك الكثير من المظاهر و العلامات التي يقوم الناس بفعلها و ينسبونها إلى الإسلام، منها ما هو غلو جزئي عمليّ و منها ما هو غلو كلي اعتقاديّ، و فيما يلي تفصيل لأبرز هذه المظاهر :

1- مظاهر الغلو الجزئي العمليّ

تتجلّى مظاهر الغلو في الدين من النوع العمليّ بأبرز ما يمكن أن نراه :

1- تحريم الطيّبات

  • حيث إنّ ترك الطيّبات من باب التعبّد أو حتى تحريمها، هذا ليس من الخشوع و الزهد و الورع البتّة، بل هو تحريم لِما أحلّ الله تعالى.
  • و كلّ مسلم يحرّم شيئًا جعله الله حلالًا أو مباحًا، فيعتبر مغالٍ في الدين و هذا لا شك ” حرام “.

2- التشدّد على الناس و على النفس

  • من الغلو العمليّ في الدين أن يكلّف المسلم نفسه بأعمال شاقّة جدًا، كأن يقوم الليل بطول ساعاته دون أن يغمض له جفن.
  • أو ينوي الرجل أن يعتزِل النِّساء، فلا يتزوّج أبدًا، من باب التفرّغ و وهب حياته لِعبادة الله تعالى.
  • و في الناحية الأخرى تكليف المسلم النّاس بِما لا يطيقونَ على فعله أبدًا.
  • و هذا بالطبع يخالف نهج رسول الله القويم صلى الله عليه و آله و سلم.

2- مظاهر الغلو الكلي الاعتقاديّ

أكثر مظاهر الغلو الاعتقاديّ في الدين شيوعًا هي كالتالي :

1- الغلو في التكفير

  • يقصد بهذا النوع من الغلو في الدين هو غلو مخالِف للعدالة التي جاءتنا بها الشريعة الإسلامية.
  • فلا يجوز للمسلم أن يغلو في التكفير بالمعاصي.

2- الغلو في التعصّب لجماعة ما

  • لا يجوز للمسلم أن يغالي في التعصّب لشخص ما في جماعة ما أو حتى التعصّب لقائد الجماعة.
  • فلا يوالي أو يعادي وفقًا لموافقتهم في الفعل أو القول.
  • بل يجب على المسلم أن يصلح سريرته و علانيته، فالحقُّ أحقُّ أن يتَّبَع.

3- الغلو في الولاء

  • البراء و الولاء لهما مكانة عظيمة في الإسلام، بل أصلًا هما مكانة ترتبط بأصل الإيمان.
  • ثم و لا بد أن يكون براء و ولاء ما دام هناك على هذه الأرض مسلّم يوحّد الله و كافر يجحد آياتِ الله و توحيده.
  • و لكن على أن يكون هذا الولاء بعيدًا عن مظاهر الغلو في الدين.

الغلو في الدين| القرآن الكريم

الغلو في الدين| القرآن الكريم

نعبدُ الله و نحمده وحده لا شريك له، القرآن نبراسًا لخطواتنا و فيه جوابًا لأسئلتنا، و بالطبع جاءت آيات في القرآن الكريم تبيّن تحريم الغلو في الدين. منها :

  • قال الله تعالى في سورة نوح : ” و قالوا لا تذرن آلهتكم و لا تذرنّ ودًّا و لا سواعًا و لا يغوثَ و يعوقَ و نسرًا “ [2].
  • قال الله تعالى في سورة النساء : ” يا أهل الكِتاب لا تَغلوا في دينكم و لا تقولوا على الله إلّا الحقّ “ [3].

الغلو في الدين | السنة النبوية الشريفة

الغلو في الدين | السنة النبوية الشريفة

الغلو في الدين موضوعًا أخذ حيزًا كبيرًا في خطاب النبي محمد صلى الله عليه و آله و سلم. و من هذه الأحاديث :

  • قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ” لا تَطَروني كما أطرى النّصارى ابن مريم، فإنّما أنا عبد، فقولوا : عبد الله و رسوله “.
  • قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ” إيّاكم و الغلو، فإنّما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين “.
  • قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ” لَعَنّ الله اليهود و النصارى، اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد “.
  • قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ” هَلَكَ المتنطعون، هَلَكَ المتنطعون، هَلَكَ المتنطعون “.

شرح المفردات

  1. تطروني من الإطراء، أي هو المديح الباطل، و هو مجاوزة الحد المسموح في المدح مع الكذب فيه.
  2. المتنطعون هم الغالون المتعمقون المجاوزون الحدود في أفعالهم و أقوالهم.

و في الختام نستذكر قول الله تعالى : ” و جعلناكم أمةً وَسَطًا “، فلنضع هذه الآية الكريمة نصب أعيننا دائمًا في أفعالنا و أقوالنا حتى نبتعد عن الغلو في ديننا الحنيف.

اقرأ أيضًا :

اعلى مراتب الدين | كن محسنًا

المراجع

  1.    الغلو في الدين | www.ar.wikipedia.org
  2.    www.quran.com | Surah Noah written
  3.    www.quran.com | Surah An-Nisa is written
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى توقيف مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفح محتوى الموقع بشكل سليم.