تكون أي مادة في الطبيعية ضمن ثلاث حالات أساسية، إما صلبة أو سائلة أو غازية، وذلك بالإضافة إلى حالة نادرة رابعة تعرف بحالة البلازما. وإن عملية انتقال المادة من حالة أولى إلى حالة أخرى غيرها تعتبر عملية مهمة في الفيزياء أو الكيمياء، وهذا لأن خواص المادة قد تتغير بتغير الحالة الموجودة فيها. وخلال سطور مقال اليوم سوف نقوم بالتحدث عن تعريف التبخير، وهو عملية طبيعية مهمة جداً لدراسة الكثير من الظواهر الصناعية والطبيعية على حد سواء. تابع معنا القراءة إذا كنت متحمساً لمعرفة المزيد عن هذا الموضوع.
تعريف التبخير بشكل عام
يتم تعريف التبخر [1] على أنه عملية فيزيائية تتم بشكل طبيعي أو قسري، وفيها تنتقل جزيئات مادة ما من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية. وذلك بتأثير الحرارة بشكل أساسي، وفي بعض الحالات بتأثير بسيط من قبل الضغط الجوي. وبشكل عام، فإن عملية التبخر تحدث في درجات حرارة متفاوتة أو متغيرة، بناءً على نوع المادة والشروط الأخرى المتعلقة بها.
وقد تم صياغة مصطلح التطايرية بالنسبة للسؤال للتعريف عن حد تبخر السائل عند تعريضه لدرجة حرارة معينة. إذ يمكن أن يتبخر سائل ما بشكل أسرع بكثير من سائل آخر عند تعريض السائلين لنفس درجة الحرارة. بالتالي فإن هذا المصطلح يعطي المهندس أو الشخص العامل في مجال المواد فكرة عن مدى سرعة تبخر أي سائل يرغب في التعامل معه.
وعلى الرغم من أن عملية التبخر تحدث غالباً على السوائل فقط، إلا أن بعض المواد يمكن أن تنتقل من الحالة الصلبة إلى الغازية بشكل مباشر دون أن تمر على الحالة السائلة. أي أن بعض المواد يمكن أن تتبخر بشكلها الصلب بعد تعريضها للحرارة، أو ضمن شروط معينة. وليس التبخر حكماً على المواد السائلة فقط.
تعريف التبخير علمياً
أما إذا أردنا أن نقوم بتعريف التبخير بشكل علمي، أي أن نقول بتفسير ظاهرة التبخر علمياً، فإن عملية التخبر تحدث على الشكل التالي:
- أولاً، تحدث عملية التبخر على الطبقات السطحية من السائل أو المادة الصلبة، وليس على كامل الكتلة كما يعتقد
- إن جزيئات السائل الموجودة فيه تكون في حركة مستمرة، بالتالي فإنها تتصادم وترتطم ببعضها بشكل دائم. الأمر الذي يساعد على إنشاء قوى متعاكسة بين هذه الجزيئات
- من خلال تصادم الجزيئات بين بضعها، يتم تبادل الطاقة بينها بشكل يتعلق بقوى الاصطدام واتجاهه
- وبشكل عام، فإن الطاقة الناتجة عن عمليات تصادم الجزيئات بين بعضها ليست كافية لجعل الجزيئات حرة. أي ليست كافية لتحرير الجزيئات من الروابط التي تجمعها مع بعضها. علماً بأن الروابط بين الجزيئات والضغط المطبق عليها جوياً هو العامل الأساسي في بقاء السائل على حالته دون تغير
- وفي حال حصلت جزيئة من السائل على كمية كافية من الطاقة لتحريرها من الروابط التي تجمعها بالجزيئات الأخرى، فإنها تصبح جزيئة بخار وتخرج من السائل
- وبشكل عام، تحدث هذه العملية طبيعياً ضمن درجة حرارة الغرفة بالنسبة للماء، الذي يعتبر أشهر سائل على كوكب الأرض
- ولكن تتعلق سرعة التخبر بعوامل كثيرة أخرى، مثل درجة الحرارة بشكل أساسي. بالإضافة إلى الضغط الجوي على سطح السائل وقوة التيارات الهوائية. فضلاً عن درجة الرطوبة المحيطة بالسائل والإشعاعات الموجودة حوله
- ولهذا لا يمتلك أي سائل نسبة تبخر أو سرعة تبخر محددة ثابتة، لكون التبخر يتعلق بعوامل كثيرة أخرى غير نوعية السائل
الفرق بين التبخير والغليان
كثيراً ما يتم دمج مفهومي التبخير والغليان، وفي الواقع يختلف تعريف التبخير عن تعريف الغليان. إذ يحدث التبخير أو التخبر ضمن الطبقات السطحية من السائل فقط، أو من الصلب في بعض الحالات النادرة. أما بالنسبة للغليان، فإنه يصيب كافة الجزيئات في السائل، ومن بينها الجزيئات السطحية. وبشكل عام، تختلف درجة حرارة بداية مرحلة التبخر وبداية مرحلة الغليان بالنسبة للسائل نفسه. كما أنها تختلف لكل سائل وآخر بناء على عدة عوامل مختلفة.
العوامل المؤثرة بالتبخير
كما ذكرنا لك سابقاً، تحدث عملية التبخير عندما تمتلك جزيئة السائل أو الصلب كمية كافية من الطاقة اللازمة لها لكي تتحرر من ارتباطها بالجزيئات الأخرى. ولكن بشكل عام، تختلف سرعة التبخير بين سائل وآخر، وذلك نتيجة لاختلاف الخواص الجزيئية لكل سائل. فعلى سبيل المثال، يتبخر الماء بشكل طبيعي ضمن درجة حرارة الغرفة، أي بين 24 و 25 درجة مئوية. أما العسل من الناحية الأخرى، فإنه لا يتبخر في هذه الدرجة أبداً، وإنما يتطلب وجود درجات حرارة أعلى بكثير من ذلك، وهكذا.
بالإضافة إلى ذلك، تتأثر سرعة التبخير في السائل بتغير درجة الحرارة المطبقة عليه. كما يلعب الضغط الجوي المطبق على سطح السائل دوراً كبيراً في عملية التبخير. وأخيراً، تتأثر سرعة التبخير أيضاً بدرجة رطوبة الهواء المحيط بالسائل وسرعة الرياح، بالإضافة إلى الإشعاعات الموجودة حوله ومساحة السطح المعرض للتبخير.
كيفية قياس التبخير
يتم قياس التبخير الذي يحصل في سائل ما بالاستعانة بجهاز يعرف باسم مسجل التبخر “Evapograph”. إذ يعمل هذا الجهاز على قياس كمية البخار الذي تخرج من سطح السائل بشكل مستمر، ومن ثم يقرم بعرض هذه النتيجة للدارس على شكل صور توضيحية.
قياس التبخير بقياس حجم السائل
قد تبدو لك فكرة قياس كمية التبخر من السائل عن طريق حساب حجمه قبل وبعد مضي فترة معينة من الوقت عليه فكرة صائبة. ولكن في الواقع لا يمكن أن تعطيك هذه الطريقة نتائجاً إيجابية، وخصوصاً لكون سرعة التبخر في درجات الحرارة العادية بطيئة نسبياً. على سبيل المثال، في حال كنت ترغب في قياس كمية تبخر الماء ضمن درجة الحرارة الغرفة، وقمت بوضع حجم معين من الماء (V1) في وعاء، وتركته لمدة (T1). وبعد مرور هذه المدة، قمت بقياس الحجم الجديد للماء الموجود في الوعاء (V2). بالتالي يمكنك أن تستنتج أن كمية السائل المتبخرة من الوعاء خلال زمن قدره (T1) هي (V1-V2).
وعلى الرغم من أن الفكرة تبدو منطقية، إلا أن حجم السائل قد لا يختلف بشكل كبير خلال زمن قصير. أي أنك يمكن أن تكون غير قادراً على تقدير فارق الحجم (V1-V2) خلال هذه المدة. وبالتالي فإن هذه الفكرة تعطي نتائجاً غير صحيحة (قد تعطيك فكرة عن سرعة التبخير بقياسات تقريبية نوعاً ما، ولكنها ليست دقيقة علمياً).
فوائد ظاهرة التبخير
في الواقع، تعتبر ظاهرة التبخير ظاهرة طبيعية مفيدة للغاية، وخصوصاً بالنسبة لدورة حياة الماء على كوكب الأرض. إذ بدون هذه الظاهرة، لن يتمكن ماء المحيطات والأبحار من التبخر، بالتالي لن تحصل الهطولات المطرية. ليس هذا فقط، وإنما تفيد ظاهرة التبخير في تنفيذ الكثير من المهام المختلفة الأخرى. مثل إنتاج ملح الطعام بتبخير مياه البحار والمحيطات. بالإضافة إلى استخلاص بعض المواد والمعادن من السوائل بعد تبخير الماء الموجود فيها.
وهنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال اليوم، الذي قمنا فيه بالتحدث عن تعريف التبخير، بالإضافة إلى بعض المعلومات المفيدة الأخرى عن هذه الظاهرة. لا تنسى أن تقوم بزيارة موقعنا بشكل مستمر لقراءة المزيد من المقالات المفيدة الأخرى.
اقرأ أيضاً من موقعنا: