إذا كنت من محبي الأدب و الفلسفة و تبحث عن قصة حي بن يقظان، فإليك المقال التالي الذي يعطيك تلخيصاً سريعاً للقصة.
قصة حي بن يقظان
حي بن يقظان هي واحدة من روايات الكاتب الأندلسي ابن الطفيل، و التي ناقش فيها كلاً من القضايا الفلسفية و الدينية العميقة. قام بكتابتها في القرن الثاني عشر، و احتوت عل نزعةٍ صوفية و نصوص روحانية.
كما تم إعادة كتابة هذه القصة عدة مرات، فيعتبر ابن سينا أول مؤلفٍ لقصة حي بن يقظان، والتي كتبها في فترة سجنه. ثم أعاد كتابتها الشيخ شهاب الدين السهروردي، و بعده الفيلسوف ابن طفيل.
ثم أعاد صياغتها ابن النفيس و أضاف عليها معتقداته الفلسفية الخاصة به، و أطلق عليها اسم فاضل بن ناطق. كما نجد فكرة القصة ذاتها عند ابن باجة، و لكن باسم مختلف و هو تدبير المتوحد.
تبدأ القصة مع ولادة البطل و الذي يدعى حي بن يقظان، إذ أن والدته تكون شقيقة ملك سيلان، و هي إحدى الجزر الهندية. و التي تزوجت من قريبٍ لها يدعى يقظان، و كانت قد تزوجته سراً من دون علم أخيها.
و عندما وضعت ابنها حي خافت عليه من أخيها الملك، فقامت بوضعه في تابوتٍ خشبي و ألقته في البحر. فجرى به الماء حتى أوصله إلى جزيرةٍ مهجورة تدعى الواق واق.
عندما وصل الطفل إلى الجزيرة بدأ بالبكاء و الصراخ، فسمعت صوت بكائه ظبية كانت تبحث عن طفلها. فاقتربت من الطفل ثم أخذته و أرضعته و بدأت برعايته حتى وصل لعمر السبع سنوات.
بدأت التطورات تظهر على حي بن يقظان، إذ بدأ يقلد أصوات الحيوانات، ثم شعر بخصوصية جسده فبدأ يستر عورته. ثم خشي على نفسه من بقية الحيوانات، فاستخدم العصى ليدافع عن نفسه.
و عندما توفيت الغزالة التي قامت برعايته، بدأ بمرحلةٍ جديدة، و هو معرفة السبب الذي أدى لتوقف نفسها و حركتها. فبدأ بتشريح جثتها، و ذلك باستخدامه بعض الحجارة المكسرة و أغصان الأشجار اليابسة. أدت هذه التجربة إلى تكوين المعرفة عند حي، و ذلك عن طريق الحواس و التجربة.
استمر حي برحلته حتى اكتشف النار، وبدأ يتعرف عليها وعلى استخداماتها وفوائدها.
تكملة قصة حي بن يقظان
انتقل حي إلى مرحلةٍ أخرى، و هي مرحلة تأمل المخلوقات المحيطة به و تشريحها و معرفة ترتيب أعضائها الداخلية. فاكتشف فكرة وجودة الروح عند الحيوانات، و أن الكائنات الحية تتشابه في المادة، و لكنها تختلف في الشكل الخارجي.
ينتقل فكر حي من الأرض إلى رحاب الفضاء، فبدأ يراقب السماء و يراقب النجوم و حركتها، فوصل إلى حقيقة أكيدة. أنه لا بدّ لهذا الكون العظيم، أن يكون له خالقٌ أعظم و أجمل و أقوى.
عندما وصل إلى سن الخامسة و الثلاثين بدأ بطورٍ جديد، فبدأ يتوصل إلى استنتاجاتٍ منطقية، و ذلك من خلال التفكير. و أول استنتاجٍ له كان أن الروح منفصلة عن جسد الإنسان، و أنها في شوقٍ دائم إلى خالقها و موجدها.
و أخيراً وصل حي إلى المرحلة الأخيرة، و هي معرفة الخالق حق معرفته. فوصل إلى مرحلةٍ متقدمة و راقية، لا يصلها إلا أهل الولاية. فعلم أن سعادته تكمن في مشاهدته الدائمة للموجود الواجب الوجود.
يتعرف حي على رجلٍ يدعى أبسال، و هو رجلٌ متدين جاء إلى الجزيرة ليتفرد بعبادة الله و يعتزل الناس. فوجد أبسال حي و علّمه الكلام، و بدأ يدور بينهما حوار عن الكون و الطبيعة و الله. فأدرك أبسال أن حي قد وصل بفطرته السليمة إلى العقيدة الصحيحة السليمة.
و ذلك خلافاً لسكان جزيرة أبسال، حيث كان الشك و عدم اليقين يسود معتقداتهم. قرر أبسال أن يصحب حي إلى جزيرته، كي يشارك الناس أفكاره التي وصل إليها، فيقودهم إلى الهداية و اليقين و معرفة الحق سبحانه و تعالى.
و لكن هذه المحاولة بائت بالفشل، إذ أن أقوال حي لم تلق قبولاً بين سكان الجزيرة، و لم يستجيبوا له. فأيقن حي من هذه التجربة، أنه لا بدّ من وجود الدين في حياة الناس، حتى يضبط أفعالهم و تصرفاتهم.
عاد أبسال و حي إلى جزريتهما، و استمرا بعبادة الله عبادة روحية خالصة، حتى أتاهما اليقين.
المغزى من قصة حي بن يقظان
حاول ابن طفيل في رواياته تغير الفكر الذي يجزم بأنه لابدّ للإنسان أن يكون على اتصال بالمجتمع، حتى يتمكن من تطوير ذاته و عقله و إدراكه، و تهذيب سلوكه و تحسين معاملته.
و ذلك خلافاً للفكر الفلسفي السائد بأن الإنسان الذي لم ينشأ ضمن مجتمع، هو إنسان بدائي لن يستطيع الوصول إلى مرحلة الإنسانية.
إذ أن طابع الإنسان الذي ينشأ وحيداً سيكون أقرب إلى طبع الحيوان، وذلك في السلوك والتفكير وحتى الشكل.
فاعتمد المؤلف في إيصال فكرته على شخصية حي بن يقظان، و هي شخصيةٌ خيالية نشأت في عزلة تامة من غير حضارة أو إرث. فقد نشأ وحيداً في الغابات، و معزولاً عن المجتمع، و مع ذلك استطاع من خلال التجربة و الإدراك أن يصل إلى إنسانيته.
فحرص المؤلف على أن يشير إلى أن الإنسان يستطيع أن يكتسب الصفات المدنية، و ذلك من فطرته الطبيعية، بعيداً عن المجتمع و الدولة و القانون.
كما أكد المؤلف من خلال سير شخصية على أن العلم و الوحي متفقان و لا يوجد تعارض بينهما. و أن التأمل و التفكر في هذا الكون، سيقود الإنسان حتماً إلى الإيمان بوجود خالق لهذا الكون. فلكل شيءٍ سبب أدى حدوثه، و لكل صنعةٍ صانع، و لكل مخلوقٍ خالق، و هذا ما استنتجه حي من خلال تجاربه و استنتاجاته. و مع هذه الحقيقة التي توصل إليها حي، إلا أنه أدرك تماماً محدودية عقله في فهم الذات الإلهية. إذ يوجد قدرة محددة للعقل لا يمكن أن يتجاوزها الإنسان، و مستوى معين لا يمكن أن يتخطاه.
تأثير قصة حي بن يقظان في الأدب العالمي
لاقت قصة حي بن يقظان قبولاً كبيراً بين الفلاسفة، فترجمت القصة لعددٍ كبير من اللغات. إذ ترجمت الرواية إلى اللغة اللاتينية عام 1671، كما ترجمت من اللغة اللاتينية إلى الإنجليزية عام 1686.
و عام 1708 ترجمت من اللغة العربية إلى الإنجليزية، و ذلك بطلبٍ خاص من جامعة أوكسفورد. بالإضافة إلى ترجمتها باللغة الألمانية، كما قام الكاتب الألماني سبينوز بترجمتها إلى الهولاندية، و ترجمت أيضاً إلى اللغة الإسبانية و الفرنسية.
أوحت هذه القصة العديد من الأدباء و الفلاسفة، فقد ألهمت الكاتب دانيل ديفو، فكتب رواية روبنسون كروزو، بالإضافة إلى جان جاك روسو فألف كتاب عقيدة القس.
كما أنه يوجد تشابه بين قصة حي بن يقظان و رواية كيبرينج ذا جانجل بوك، و رواية طرزان،و استوحى القسيس الأمريكي كتوننسس من قصة حي بن يقظان كتاب ذا كريشتن كروسفر. و في القرن السبع عشر الميلادي ترجم الرواية الكاتب بوكوك و أطلق عليها اسم الفيلسوف الذاتي.
و إلى هنا نكون وصلنا لختام مقالنا قصة حي بن يقظان، نتمنى أن يكون نال من إعجابكم.
اقرأ أيضاً :