ليس من الغريب أن نجد الحزن مكانًا في قصائد الشعراء، فالحزن كالفرح، مشاعر تجتاح كيان الإنسان و تحثّهُ على أن ينقشها على الورق فتغدو لوحة موسيقية بأبهى الكلمات و أعذب الألحان، كقصيدة حزينة تحيي الروح من الجديد. و لا بأس في أن نمتع مسامعنا ببعض من القصائد الحزينة.
قصيدة حزينة في الحب للشاعر نزار قباني
لا يمكن أن نتحدّث عن الشِّعر بمختلف ألوانه من غير أن يكون للشاعر الكبير نزار قباني نصيب [1]. و هذه قصيدة حزينة عن الحب من قصائده الجميلة :
عيناك كنهري أحزان
نهري موسيقى
حملاني.. لوراء
وراء الأزمان
نهري موسيقى
قد ضاعا
سيدتي.. ثم أضاعاني
الدمع الأسود فوقهما
يتساقط أنغام بيان عيناك
و تَبغي و كحولي
و القدح العاشر
أعماني.. و أنا في المقعد
محترِقٌ
نيراني تأكل نيراني
أأقولُ أحبك يا قمري
آهٍ لو كان بإمكاني
فأنا لا أملكُ في الدنيا
إلّا عينيك و أحزاني
أأقول أحبك يا قمري
آهٍ لو كان بإمكاني
فأنا إنسانٌ مفقود
لا أعرف في الأرض مكاني
ضَيَّعَني دربي.. ضَيَّعَني اسمي
ضيَّعَني عنواني
تاريخي!
ما لي تاريخ
إنّي نسيان النسّيان
إنّي مرساة لا ترسو
جرحٌ بملامح إنسان
قصيدة حزينة في الفراق للشاعر أبو الطيّب المتنبي
إحدى أجمل قصائد المتنبي في الفراق التي يرسم فيها أبهى الصّور الشعرية هذه القصيدة الحزينة [2] :
فراق و من فارقتُ
غير مذمم
و أم من يممت
خير ميمم
و ما منزل اللذّات عندي
بمنزلِ
إذا لم أبجل عنده
و أكرم سجية نفس
ما تزال مليحة من الضيم
مرميًا بها كل مخرم
رحلت.. فكم باكٍ
بأجفانِ شادِن علي
و كم باكٍ
بأجفانِ ضيغم
و ما ربة القرطِ المليح
مكانه
بأجزع من رب الحسام
المصمم
فلو كان ما بي من حبيب
مقنع.. عذرت و لكن
من حبيب معمم
رمى و اتقى رميي
و من دون ما اتقى
هوى كاسر
كفي و قوسي
و أسهمي
إذا ساء فعل المرء
ساءت ظنونه
و صدق ما يعتاده
من توهّم
قصيدة حزينة في الشوق للشاعر محمود درويش
1- قصيدة حزينة في الشوق
الشوق للمحبوب بصمت يطحن العِظام و يفتِّت الأضلاع، و قد صوّر عذاب الشوق الشاعر الكبير محمود درويش في أجمل قصيدة حزينة عن لهيب الأشواق [3]:
ليس من شوق
إلى حضنٍ فقدته
ليس من تمثال كسرته
لَيس من حزنٍ
على طفل دفنته
أنا أبكي!
أنا أرى دمع العين خذلان
و ملح أنا أدي
و بكاءُ اللحن ما زال يلحُّ
لا تَرُشّي من مناديلك عِطرًا
لستُ أصحو
و دَعي قلبي.. يبكي
شوكة في القلبِ
ما زالتْ تغزُّ قطراتٍ
قَطراتٍ
لم يزَل جرحي ينِزُّ
أين زر الوردِ
هل في الدمِ ورد
يا عزاء الميتين!
هل لنا مجد و عزُّ
اتركِ قلبي يبكي
خبّئي عن أذُني
هذه الخرافات الرتيبة
أنا أدرى منك بالإنسان
بالأرض الغريبة
لم أبِعْ مهري و
لا رايات مآساتي الخضيبة
و لأني أحملُ الصخَر و داء الحب
و الشمس الغريبة.. أنا أبكي
أنا أمضي قبل ميعادي
مبكر عمرنا
أضيق مِنا
عمرنا أصغر.. أصغر
هل صحيحٌ يثمرُ الموت
حياةً؟
هل سأثمرْ في يد الجائع
خبزًا
في فمِ الأطفالِ سكَّر
أنا أبكي!
2- قصيدة حزينة في الشوق
واقفةٌ تحت الشبابيك
على الشارع واقف
درجات السّلَّم المهجور
لا تعرف خطوي
لا.. و لا الشبّاك عارف
من يدِ النّخلةِ أصطاد سحابه
عندما تسقط في حلقي ذبابه
و على أنقاض إنسانيتي تعبرُ
الشمسُ.. و أقدامُ العواصف
واقفٌ تحت الشبابيك العتيقة
من يدي يهرب دُوريُّ
و أزهار حديقة
اسأليني : كم من العمر مضى
حتى تلاقي كلّ هذا اللون
و الموت تلاقى بدقيقة
و أنا أجتازُ سردابًا من النسيان
الفلفل و الصوت النحاسي
من يدي يهرب دوريّ
و في عيني ينوبُ الصمت
عن قولِ الحقيقة
عندما تنفجر الريح بجلدي
و تكفُّ الشمسُ عن طهوِ النعاسْ
و أسمّي كل شيء باسمه
عندها أبتاعُ مفتاحًا و شباكًا جديدًا
بأناشيد الحمّاس
أيها القبُ الذي يرم من شمس
النهار و من الأزهار و العيد
كفانا.. علّمونا أن نصون الحب بالكره
و أنا نكسو ندى الورد
غبار أيها الصوت الذي رفرف
في لحمي عصافير لهب
علّمونا أن نغنّي و نحبّ
كلّ ما يطلع الحقل من العشب
من النمل.. و ما يتركه الصيف
على أطلال دار
علّمونا أن نفني و نداري
حبّنا الوحشي
كي لا يصبح الترنيم بالحب
مملًّا
عندما تنفجر الريح بجلدي
سأسمي كلّ شيء
و أدق الحزن و الليل
بقيدي
يا شبابيكي القديمة
قصيدة حزينة في الرثاء للشاعر ابن الرومي
من أنواع القصيدة الحزينة ” الرثاء “، حيث نظم الشاعر ابن الرومي قصيدة ترثي ابنه محمّد، قصيدة مليئة بالمشاعر الصادقة :
بكاؤكما يشفي و إن كان
لا يجدي
فجودا فقد أودى
نظيركما عندي بنيّ
الذي اهتدته كفَّاي للثّرى
فيا عزَّة المهدى
و يا حسرة المهدي
ألّا قاتل الله المَنايا
و رميها من القوم
حبّات القلوب على عمدٍ
توخَّى حِمامُ الموت
أوسطَ صبيتي
فلله كيف اختار واسطة العقدِ
على حين شمتُ الخيرَ
من لمحاته و آنستُ من
أفعاله آية الرشد
طواه الرّدى عنّي
فأضحى مَزراه
بعيدًا على قرب
قريباً على بعد
لقد أنجزتْ فيه المنايا
و عيدها و أخلفتِ الآمالٌ
ما كان من وعد
لقد قلَّ بين المهد و اللّحد
لبثه فلم ينس عهد المهد
إذ ضمَّ في اللَّحد تنغَّص
قبل الرّي ماء حياته
و فجّع منه بالعذوبة و البردِ
ألحّ عليه النزف حتى أحاله
إلى صُفرة الجاديّ
عن حمرة الوردِ
و ظلّ على الأيدي
تساقط لنفسه
و يذوي كما يذوي القضيبُ من الرّند
فيالكِ من نفس تساقط أنفسًا
تساقط درّ من نظام
بلا عقد
عجبتُ لقلبي كيف لم ينفطر له
و لو أنّه أقسى من الحجر الصَّلدِ
بودّي أني كنتُ قدمتُ قبله
و أنّ المنايا دونه صَمَدَت صَمدِي
وَ لكنّ ربي شاء غير مشيئتي
و للربِ إمضاء المشيئة
أرقّ الكلمات عن الحزن
إلى جانب القصيدة الحزينة، هذه أجمل الكلمات و أرقّها عن الحزن :
- في القلب حزن لا يذهبه إلّا السرور بمعرفة الله.
- ما أريده هو القوة، القوة على تحمّل الأشياء بهدوء.
- لا حزن يصيب الوالدين أعظم من الحزن النابع من العجز.
- حفنة من السعادة في كفة الميزان و جبل من الحزن في الكفة الأخرى.
- بسواد الليل تتلملم حمامات الحزن و مصابيح المدينة تموت.
- ليس الحزن سوى جدار بين حديقتين.
- الكثير من السعادة تستحق القليل من الحزن.
- لعل الجنون مجرد حزن كفّ عن التطور.
- كل المدن تتساوى إذا دخلناها بتأشيرة حزن.
- لقد بكيتُ يوم ولدتُ و أوضحت لي الأيام سبب ذلك.
- يأكل الصدأ و تأكل الأحزان الفؤاد.
- الدموع ليست هي الحزن، الحزن هو أن تستطيع أن تنع نفسك من أن تبكي أمام أحد من أجل هذا الأحد.
- الدمعة في العين جرحٌ في القلب.
- لأنّك كنت قريبًا من الحزن أكثر منا اشتعلت، بكينا جميعًا و أنت ابتسمت.
- ثمّة خسارات كبيرة إلى حد لا خسارة بعدها تستحق الحزن.
ثم إلى هنا نكون قد وصلنا إلى خِتام مقالنا، و لنتذكّر دائمًا بأنّ الحزن المطلق هو شيء مستحيل، مثلما هو الفرح المطلق.
اقرأ أيضًا :