يعتبر مرض الجذام من الأمراض قديمة العهد، و الذي كانت إصابة الإنسان به أشبه باللعنة التي تحل عليه، نظراً لما يتعرض له من نبذ اجتماعي، إثر التشوهات الكبيرة التي تطال وجهه، و على الرغم من قدم المرض، إلا أنّ القدرة على علاجه لم تكن إلا مع حلول منتصف القرن المنصرم، حيث أطل عقار دابسون، و الذي شكل طوق أمان لأولئك المرضى، على الرغم من صعوبة البرتوكول العلاجي المتبع آنذاك، و كان ذلك حتى مطلع الستينات، التي حملت أولى بشائر علاج هذا المرض من خلال ما عرف بالمعالجة المتعددة التي اشتملت على أكثر من صاد حيوي، ما تقدم كفيل بأن يفصح لك عزيزي القارئ عن مدى خطورة هذا المرض، الذي على الرغم من السيطرة عليه إلا أنّ التقارير الواردة من منظمة الصحة العالمية تنذر بعدم انقراضه، و عليه في هذا المقال سنعمل على شرح كيف ينتقل مرض الجذام، و ما هي أنواعه، و أعراضه، و طرق علاجه، و الوقاية منه.
نبذة عن مرض الجذام
يعرّف مرض الجذام على أنّه مرض جلدي مزمن و شديد العدوى، تتهم بإحداثه بكتيريا تسمى المتفطرة الجذامية Mycobacterium Leprae، للتراوح فترة حضانتها لحين ظهور فوعة المرض ما بين 5 سنوات إلى 20 سنة، و في بعض الحالات قد تظهر خلال سنة واحدة بعد أن ينتقل مرض الجذام [1] .
هذا و يصيب الجذام الجلد، و الأعصاب المحيطية، و الأسطح المخاطية للجهاز التنفسي العلوي، و أكثر الأعضاء تضرر عادةً ما تكون الأنف، و الأذن، و العيون، و الأطراف. ليتظاهر على هذا الأعضاء بشكل تقرحات شديدة في الجلد، و ضعف في الأعصاب و العضلات.
هذا و طبقاً للتقارير الواردة من منظمة الصحة العالمية فإنّه في عام 2020 سجل ما يزيد عن 127 ألف حالة إصابة بالجزام [2] ، و كانت هذه الإصابات موزعة على 139 دولة (خاصةً في وسط إفريقيا، و شرق آسيا، و أمريكا الجنوبية على وجه الخصوص البرازيل، و بعض البلدان العربية من مثل مصر و اليمن)، و تشير تقارير أخرى إلى أنّه هناك ما يزيد عن 2-3 مليون حالة عجز حول العالم، على إثر مضاعفات هذا المرض الخطير.
كيف ينتقل مرض الجذام
ينتقل مرض الجذام من خلال المخالطة اللصيقة مع شخص مصاب بالمرض، و ذلك في حال التماس مع المفرزات المخاطية للحامل أو المريض العرضي على حد سواء، و يحدث أن تنتقل المفرزات المخاطية للمصاب إلى المخالطين من حوله، عن طريق العطاس أو السعال، و ما يترافق معها من رزاز متطاير [3] .
و على الرغم من كون احتمالية انتقال العدوى تبقى صعبة بعض الشيء، بحكم اشتراطها المخالطة اللصيقة لمدة طويلة، إلا أن ذلك لا يتنافى مع الخطورة المستفحلة في تفشي المرض، بسبب أنّ مدة حضانة المرض قد تطول حتى 20 عام، مما يعني أنّ الحامل لبكتريا المتفطرة الجذامية، يخالط الكثير من الأشخاص، و بالتالي يسبب لهم العدوى، حتى دون أن يعلم بذلك، بسبب عدم ظهور الأعراض.
أضف إلى ما تقدم، أنّه من الممكن أن تكون العدوى، عن طريق نفوذ البكتريا عبر الجلد، من خلال جرح مثلاً، أو كأن تنفذ عبر الغشاء المخاطي للأنف، بعد تطاير الرزاز من فم المريض، بمعنى أنّه لا يشترط استنشاقها. كما أنّ الكثير من الدراسات تشير إلى تورط بعض الحيوانات من مثل القرد، و الشامبانزي، و الحيوان المدرع( يستوطن جنوب الولايات المتحدة الأمريكية، و أمريكا الوسطى و الجنوبية) في نقل عدوى الجذام.
أنواع مرض الجذام
يتفرع عن مرض الجذام ثلاث أنواع، تأتي من اختلاف الاستجابة المناعية التي يبديها المرضى بعد أن ينتقل مرض الجذام. و هذه الأنواع هي:
أولاً: الجذام الدرني
أو ما يدعى في بعض المراجع الطبية بالجزام السلي، و هو أخف الأنواع، نظراً لكون الاستجابة المناعية تكون جيدة، و احتمالية أن ينتقل مرض الجذام هنا تكون أقل من أقرانه في الأنواع الأخرى. أما عن الأعراض في هذا النوع من الجذام، فتكون على شكل بقعة إلى عدة بقع من التقرحات الجلدية، و من المحتمل أن يلاحظ المريض خدر في موضع هذه الآفات.
ثانياً: الجذام الورمي
و هو أخطر الأنواع على الإطلاق، لكون الاستجابة المناعية على إثره تكون ضعيفة، و احتمالية نقل العدوى تكون كبيرة، و هو يتظاهر على شكل آفات جلدية واسعة الانتشار، و ضعف في العضلات، و كما أنّه من الممكن أن يؤثر على الخصيتين و الأنف بصورة كبيرة.
ثالثاً: الجذام الحدي
يتظاهر هذا النوع على شكل آفات جليدة غير منظمة، تأخذ لوناً أحمر، و هو يشتمل على كلاً من أعراض النوعين السابقين
أعراض مرض الجذام
بعد أن ينتقل مرض الجذام، قد تستغرق ظهور الأعراض فترة طويلة، تقدر وسطياً ب 5 سنوات. إلا أنها في بعض الحالات تصل حضانة المرض إلى 20 سنة، بسبب أن المتفطرة الجذامية توصم بكونها بطيئة النمو. هذا و تصيب هذه البكتريا بصورة رئيسية الجلد، و الأعصاب المحيطية، و الأغشية المخاطية للجهاز التنفسي العلوي، و العينين، و تتلخص الأعراض التي تطرأ على هذه الأعضاء، بآفات جلدية شديدة، تصل إلى حد التشوهات و الندبات، و ضعف في العضلات و تلف في الأعصاب، و استطراداً في ذكر الأعراض نذكر ما يلي [4] :
- حدوث تشوهات كبيرة في الوجه.
- تساقط الشعر، من الممكن أن يتساقط شعر الحواجب أيضاً.
- تشوهات كبيرة في أصابع الأطراف، تصل إلى حد فقدانها بشكل كامل.
- إصابة ملتحمة العين بالجفاف الشديد.
- آفات و تصبغات جلدية تكون باهتة، تشبه البقع المشاهدة في حالة البهاق.
- قرحات جليدة واسعة.
- طفح.
- الإعياء و الهزال و فقدان الوزن.
- تلف الأعصاب.
- ألم في المفاصل، و ضعف في عضلات الأطراف.
- عدم القدرة على تحسس الحرارة، و فقدان الشعور بالألم.
- الخدر و التنمل، و فقدان الإحساس في بعض أعضاء الجسم، بسبب اتلف الأعصاب الحاصل بعد أن ينتقل مرض الجزام.
مضاعفات مرض الجذام
بعد أن كنا قد ذكرنا كيف ينتقل مرض الجذام، فإننا ننوه إلى أنّه في حال تأخر التدخل العلاجي السريع و الصحيح، فإن مضاعفات المرض لا مهرب منها. علماً أنّ درجة و حدة هذه المضاعفات تتفاقم طرداً مع تأخر التدخل العلاجي. و من هذه المضاعفات نذكر:
- فقدان الإحساس، الذي أول ما يتظاهر في الأطراف. الأمر الذي يودي بالمريض إلى التعرض إلى الحروق و الجروح، دون أن يتحسس ذلك.
- فقدان الشعر.
- عطب دائم في الأعصاب المحيطية.
- ضعف في العضلات، تصل إلى درجة العجز.
- تشوه الوجي.
- فقدان الأطراف.
- العمى.
- العقم عند الذكور.
- الفشل الكلوي.
- تشوه الأنف، و إصابته بانسداد دائم.
العلاج
ترتكز الخطة العلاجية في تطبيب مرضى الجذام، على الصادات الحيوية. و عادةً ما يتم إشراك ثلاث أنواع من الصادات معاً في الخطة العلاجية، و ذلك لمدة زمنية تتراوح ما بين 6 – 12 شهر. أما عن نوع الصادات الحيوية المستخدمة، فهي رهناً بنوع الجذام المشخص، و لكن هي في الغالب تشتمل على الأنواع التالية [5] :
- دابسون
- ريفامبيسين
- أوفلوكساسين
- المينوسيكيلين
- الكلوفازيمين
أضف إلى ما تقدم أنّه نتيجة للالتهاب و الألم الحاصل بعد أن ينتقل مرض الجذام، فإنّه يُعمد إلى إشراك مضادات الالتهاب في الخطة العلاجية، سواء الكورتيكوستيروئيدات من مثل البريدنيزولون، أو مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية من مثل الأسبرين.
كما أنّه من الممكن أن يتم اللجوء إلى عقار الثاليدوميد. بوصفه مثبط للمناعة يساعد على الحد من التشوهات و الندبات الحاصل، إلا أّه يجدر التنبيه إلى أن هذا العقار يسبب ضرر كبير على الأجنة، مما يدفع الأطباء إلى استثناءه في حالة السيدات الحوامل.
الجدير بالذكر أيضاً، أنّه لا يستبعد الخيار الجراحي من الخطة العلاجية، إذ أنّه من الممكن أن يتم اللجوء لمثل هذه التدخلات، بغية تحسن التشوهات، و تصحيح عمل الأطراف الني طالها التشوه.
الوقاية
تقوم الوقاية من احتمالية أن ينتقل مرض الجذام إليك، على التغذية السليمة و النظافة الشخصية، و تجنب مخالطة الأشخاص المصابين، كما أنّه ينصح في حالة السفر إلى أمكان موبوءة بالمرض، أن يتم أخذ جرعات من الريفامبيسين للوقاية.
اقرأ أيضاً:
كيف ينتقل مرض الايدز بين شخص و أخر؟
المراجع
- ↑ Leprosy | www.en.wikipedia.org
- ↑ Leprosy | www.who.int
- ↑ How do people get leprosy | www.cdc.gov
- ↑ symptoms of Hansen’s disease | www.healthline.com
- ↑ Leprosy (Hansen’s Disease) | www.webmd.com