يقال عن شخص بأنّه غضوب، في إشارة إلى حدة الانفعال الذي يبديه، عند التعرض لبعض المواقف، و على الرغم من كون الغضب صفة نفسية طبيعية، و رد فعل غريزي تجاه بعض المواقف التي تعترض الشخص، إلا أنّه يخرج من بوتقة الطبيعية، في حال كان الشخص غير قادر على السيطرة على نوبات الغضب التي تعتريه، إذ يتفلت لسانه عن عبارات يندم عليها بعد هدأة روعه، و يقوم بأفعال يساوره الأسف عليها حين يعود إلى رشده، و الشاهد على طبيعية هذه الصفة النفسية، أنّ هرمون الأدرينالين الذي يفرزه قشر الكظر، و الذي يسمى بهرمون Fight or Fly، هو المسؤول عن الدخول في نوبات العصبية و الذعر على حد سواء، و لكن و على الرغم مما تقدم يبقى سؤال هل الغضب الشديد مرض نفسي؟ مبرراً لا سيما ذلك النوع الذي أشرنا إليه، و الذي يكون فيه الشخص عاجز عن كبح لجام غضبه.
هل الغضب الشديد مرض نفسي؟
لا يمكن اعتبار الغضب مرض نفسي، إذا ما كان ضمن الحدود الطبيعية و المسيطر عليها. و على الرغم من كونه صفة نفسية موجودة عند الكثير من البشر، إلا أنّ ذلك لا يتنافى مع ما له من مغبات على الصحة الجسدية، من مثل ارتفاع الضغط، و الجلطات. و هذه المخاطر التي من الممكن أن يودي إليها الغضب، تكون عما يصار إليه من إفراز لهرمون الأدرينالين أثناء الانفعال، و بالتالي هذا يؤدي بطبيعة الحال إلى تضيق شرياني، يترجم إلى ارتفاع في الضغط، و تسرع في النبض.
إذاً خلصنا مما تقدم إلى أنّ الغضب لا يمكن اعتباره مرض، ولكن و على النقيض قد يكون الغضب نفسه عرض لمرض. إذا ما كان الشخص تعتريه على الدوام نوبات غضب عارمة، و يتظاهر بانفعالات اندفاعية غير مسيطر عليها، و عدوانية شديدة تجاه المحيط. ففي هذه الحالة يشار إلى الغضب الشديد على أنّه مرض نفسي، يحمل اسم الاضطراب الانفجاري المتقطع Intermittent explosive disorder. و فيما يلي سنعمل على الحديث باستفاضة عن هذا المرض النفسي، الذي يحمل صفة الغضب الشديد كصفة رئيسية له [1] .
نبذة عامة عن الاضطراب الانفجاري المتقطع IED
يعتبر الغضب الشديد مرض نفسي في حال كان ينم عن الاضطراب الانفجاري المتقطع. و الأخير يوصف على أنّه مرض نفسي مزمن، يتظاهر على شكل نوبات غضب شديدة و فجائية دون مبرر، تترافق مع احتدادات كلامية، كالألفاظ النابية مثلاً، و أفعال عدوانية تجاه المحيط، تصل إلى حد الضرب المبرح لمن حول الشخص، أو تكسير الأشياء التي توجد في المكان. هذا و يترتب على ما تقدم مشاكل في العمل أو الدراسة أو خلق العلاقات الاجتماعية. و لما كان هذا المرض نفسي مزمن، وبالتالي فأنه يستمر لسنوات، على الرغم من إمكانية أن تخف مثل هذه النوبات مع التقدم في العمر.
أعراض الاضطراب الانفجاري المتقطع IED
عادةً ما تكون نوبات الغضب الشديد في المرض النفسي IED فجائية، إذ تحدث دون سابق إنذار، أو مبرر يعلل هذه الحدة من الغضب. إذ يدخل الشخص الذي يعاني من هذا الاضطراب بنوبة انفعال و غضب عارم تستمر لما يقارب النصف ساعة أو أقل. و قد تكون متكررة و متصاعدة الحدة، أو كأن يفصل بينها فترة زمنية طويلة، من أسابيع إلى أشهر في بعض الأحيان.
هذا و تجدر الإشارة إلى أنّ نوبات الغضب الشديد في المرض النفسي “الاضطراب الانفجاري المتقطع”، لا يشترط فيها أن يحدث تهجم أو عدوانية دائماً. فقد تقل حدتها إلى الاحتداد اللفظي المبالغ به، و في أحيان أخرى نجد أن المريض يفرط في العدوانية على المحيطين به. إلا أنّه في العموم يتصف الشخص الذي يعاني من هذا المرض النفسي، بكونه دائماً سريع الغضب، و عدواني دون سبب [2] .
و عادةً ما تسبق نوبات التهجم و العدوانية التي يقع فيها مريض الاضطراب الانفجاري المتقطع، بما يلي:
- ضيق في الصدر و عدم القدرة على التنفس بشكل طبيعي.
- تسرع في نبض القلب.
- الرعشة في الأطراف.
- تسارع الأفكار التي تخالج الشخص.
- الهيجان و الغضب.
- زيادة في الطاقة.
هذا و لما كنا قد أجبنا عن سؤال هل الغضب الشديد مرض نفسي، قلنا نعم في حالة الاضطراب الانفجاري المتقطع. لأنّ في هذه الحالة تكون ردة الفعل مبالغ بها إلى حد كبير، وغير متناسبة و الموقف، إذ من الممكن أن تؤدي مثل هذه النوبات إلى:
- الدخول في عراك جسدي.
- التهديد و الاعتداء على الأخرين.
- تكسير الممتلكات.
- شتائم.
- الصراخ و رفع الصوت.
فإذا ما استشعرت مثل هذه الأعراض، ففي الغالب أن الغضب الشديد مرض نفسي، و يجب عليك هنا أن تقوم بمراجعة طبيب. لإخضاعك لكورسات علاج نفسي، أو لصرف أدوية من شأنها أن تقلل من فرصة دخولك في مثل هذه النوبات.
كيفية التحكم في الغضب الشديد
في حال كنت تعاني من سرعة الغضب، و عدم القدرة على كظم الغيظ، و بعد أن راجعة الطبيب تم نفي احتمالية أن يكون ذلك الغضب الشديد مرض نفسي، فيمكن لك أن تعمل على محاولة ضبط سرعة الانفعال لديك، و السيطرة على الغضب، من خلال اتباع بعض النصائح التالية [3] :
- حاول دائماً قبل الرد على أي شيء من شأنه أن يغضبك، العد حتى العشر. إذ أنّ لمثل هذا الأجراء خلق مساحة فكرية، تجعلك تفكر ملياً فيما ستقول، قبل أن يساورك الندم.
- دائماً ما يوصي الخبراء في علم النفس، بعدم كبت المشاعر السلبية. لكون ذلك من شأنه أن يتراكم إلى حد الانفجار و الغضب الفجائي، و بالتالي حري بك أن تجالس من تسكن و ترتاح له، و تعمل على الحديث معه عن كل مخاوفك و هواجسك.
- إن لممارسة الرياضة بشكل منتظم أثر كبير في الحد من نوبات الغضب التي قد تعتريك. لما لها من قدرة على تفريغ الطاقة، و تعزيز افراز هرمونات السعادة و المكافئة.
- إذا ما كنت تشعر بتوتر وقلق، حاول تجنب الأماكن المزدحمة، و اخلو إلى نفسك. لتعمل على تصفية ذهنك من أي مشوشات أو مخاوف، فضلاً عن إراحة الجسد التي تنعكس على الفكر بطبيعة الحال.
- اجعل تركيز ينصب على إيجاد الحلول للمشاكل التي من الممكن أن تدفعك للغضب الشديد. إذ أنّ اجتناب المسبب و علاجه، سينعكس على سلوكك.
- اتصف بالتسامح و ابتعد عن الضغينة و الحقد على الأخرين، بسبب أن الأفكار السلبية، تترجم إلى سلوك سلبي.
- إذا ما ساورك بعض الغضب و التوتر، حاول أن تسترخي. و انهض في حال كنت جالساً، أو اجلس في حال كنت واقفاً، و اعمل على التنفس بعمق.
- اقتني دفتر مذكرات، و اعمد إلى تسجيل يومياتك. إذ أنّ مثل هذا الإجراء من شأنه أن يخفف توترك، لكونه بمثابة الفضفضة.
اقرأ أيضاً:
هل كثرة الأحلام مرض نفسي و ماهي أسباب الكوابيس؟
المراجع
- ↑ Do I Have Anger Issues? | www.healthline.com
- ↑ الاضطراب الانفجاري المتقطع | www.mayoclinic.org
- ↑ Anger management | www.mayoclinic.org