متى يكون التحدث مع النفس مرض نفسي؟

متى يكون التحدث مع النفس مرض نفسي؟

يحدث في الكثير من الأحيان أن نجد أنفسنا في خضم حديث مع النفس، فدون حتى أن ننتبه قد يعبر اللسان عما يضمره العقل، من مشاعر إيجابية أو سلبية، أو من الممكن أن يحدث ذلك لدى الإمعان في البحث عن شيء، أو التركيز و الإصغاء إلى فكرة تختلج في الفكر. هذا و يسوغ البعض ذلك بأنّه تفكير، و لكن بصوت عالي، و على الرغم من هذا التعليل، إلا أنّ هؤلاء أنفسهم قد تثار لديهم بعض التخوفات من احتمالية أن ينم ذلك عن مرض نفسي، أو إشكال عقلي، لا سيما إذ ما أسهبوا في ذلك، و أسرفوا في التحدث إلى النفس و كأنها شخص أخر، مما قد يعرضهم إلى بعض الحرج عندما يكونون بين الناس، لكون ذلك يثير استغراب و استهجان المحيط. ما تقدم يبرر كثرة السؤال عن متى يكون التحدث مع النفس مرض نفسي.

متى يكون التحدث مع النفس مرض نفسي

متى يكون التحدث مع النفس مرض نفسي

لا يعتبر التحدث مع النفس مرض نفسي، بل أسلوب لترتيب الأفكار، و ذلك بحسب الكثير من الخبراء. لذلك نجد الكثير من الأشخاص يتعمدون اجراء مثل هذه المحادثات، التي تعتبر بعموها طبيعية و صحية، لما لها من أثار إيجابية سنأتي على ذكرها لاحقاً. هذا و يشير الطب النفسي إلى الكثير من لحالات التي تترافق و التحدث مع النفس، و من هذه الحالات نذكر:

  • نجد أن بعض الأشخاص يدخلون في محادثة مع النفس، في أعقاب إجراء عمل جراحي. و ذلك يعلل بسبب ما تلقاه المريض من مخدر، أحدث خلل في وظيفة الوعي و الإدراك. إذ أن هذا الخلل آل إلى ظاهرة التحدث مع النفس و التي قد تبدو مرض نفسي، إلا أنّها في الحقيقة حالة عابرة، تزول لدى زوال تأثير المخدر.
  • نجد أن البعض يرتأون إلى الاعتكاف مع الذات، و الخلوة مع النفس، و ذلك بغرض التصفية الذهنية، و التفكير الجلي بالأمور الحياتية، بعيداً عن الضوضاء و المشتتات، كأن يعقدوا مع أنفسهم جلسات تأمل أمام البحر، أو في أحضان الطبيعية، ولدى الإسهاب في الموقف، يحدث أن يتحدثون إلى أنفسهم، ولكن هؤلاء أنفسهم لدى مقاطعتهم من قبل المارة، فإنهم يعودون إلى رشدهم بصورة سريعة، الأمر الذي يؤكد على عدم اعتبار التحدث مع النفس مرض نفسي.

على النقيض مما تقدم فإن الإجابة عن متى يكون التحدث مع النفس مرض نفسي، قد تكون بنعم. في كل من الحالات التالية:

  • يعاني بعض المرضى النفسين من هلاوس سمعية، تدفعهم إلى الحديث مع النفس. و من هذه الاضطرابات النفسية، نذكر الفصام، و الوسواس، و غيرها من الأمراض التي تضر بحالة إدراك المريض.
  • إضافة إلى الهلاوس السمعية، توجد بعض الأمراض النفسية، التي تتظاهر بهلاوس بصرية. كأن يرى المريض أشخاص غير موجودين أساساً، و بالتالي يجري معهم المحادثات.
  • من الممكن اعتبار التحدث إلى النفس مرض نفسي إذ ما ترافق مع اضطراب في وظيفة التفكير. و الأخيرة تترافق مع تهيؤ من قبل المريض بأنّه تحت المراقبة من قبل أشخاص مجهولين.

فوائد التكلم مع النفس

بعد أن أجبنا عن التساؤل متى يكون التحدث مع النفس مرض نفسي، نشير إلى عادةً ما تنشأ عادة التحدث مع النفس من مرحلة الطفولة [1] ، و على الرغم من كون هذه العادة طبيعية، و في بعض الحالات قد تكون صحية، فإن البعض قد يتخوفون من التكهنات التي قد تطلق بحقهم، فيما لو سمع ذلك أحدهم، خاصة أن البعض قد لا يسيطرون على هذه العادة، و يذهب بهم الحال إلى  التحدث مع النفس في الأماكن العامة، لذلك يبحثون عن طريقة يهذبون بها هذه العادة، لذلك سنأتي على ذكر الطرق التي من الممكن لدى اتباعها التقليل من التحدث مع النفس، و لكن قبل ذلك، و تأكيداً على صحية هذه العملية، سنأتي على ذكر الفوائد المتوقعة من التحدث مع النفس [2] .

1. يساعد في العثور على ما تبحث عنه

لما كان ذكر اسم الشيء الذي تبحث عنه، من شأنه أن يبقي دماغك بحالة تيقظ لهذا الشيء، مع إفساح المجال له لتخيله بصورة أفضل، و بالتالي فإن لذلك أثر في تسريع إيجاد الأشياء المفقودة.

2. التركيز

لا يعتبر التحدث مع النفس مرض نفسي. لأنه من شأنه أن يقطع الطريق على أي مشتتات ذهنية، مع إبقاء الدماغ بحالة يقظة فكرية.

3. التشجيع و التحفيز

فيما إذا كنت تواجه بعض التحديات أو المصاعب، في العمل أو الدراسة. فإن التحدث مع النفس بصيغة إيجابية، من شأنه أن ينعكس على طريقة تفكيرك، و بالتالي تعاطيك مع الأمور. لا سيما إذا ما كانت طريقة الحديث تشتمل على صيغة المخاطب، كأن تقول “تستطيع فعل ذلك” بدلاً عن “استطيع فعل ذلك”.

4. علاج المشاعر السلبية

على اعتبار أنّ الكثير من المواقف الحساسة، و التي قد يترتب عنها بعضاً من المشاعر السلبية، يصعب عليك البوح بها للأشخاص من حولك. فإنّ التحدث مع النفس بهذا الخصوص، من شأنه أن يعزز من فرصة إيجاد الحلول، و تفريغ الطاقات السلبية.

كيف يمكن أن أتجنب التحدث مع النفس؟

فيما إذ كنت تشعر بالحرج لدى التحدث مع النفس في الأماكن العامة، لما يظنه البعض بأنّ التحدث مع النفس مرض نفسي. فإنّه بإمكانك السيطرة على هذه العادة من خلال اتباع ما يلي من نصائح [3] :

  • يمكن لك الاستعاضة عن التحدث مع النفس بالكتابة. كأن تعمل على اقتناء دفتر مذكرات، لتسجل عليه كل ما يخالجك من مشاعر أو أفكار. و إن لذلك محاسن عديدة، فهو من جهة يكبح التحدث مع النفس، كونّه يشغل أكثر من حاسة في العملية، إضافة إلى أنّه يمنحك الوقت للقيام بمراجعة ما كتبت، و إعادة النظر فيه.
  • إذا ماكنت تشعر بالكثير من الحرج إذا ما تفلت لسانك عن صوت عالي يشي بما تفكر. فيمكن لك أن تكبح ذلك عن طريق إشغال فمك أساساً، و يكون ذلك مثلاً بمضغ العلكة. إذ أن ذلك من ناحية يذكر بعدم التكلم، و من ناحية أخرى يزيد التروية الدماغية، مما يجعلك في حالة تيقظ، وينشط الذاكرة.

 

في الختام ننوه إلى أن مخاطر التحدث مع النفس قد تكون ليست من باب اعتبارها مرضاً، بل من مأخذ أن يكون فحوى الحديث سلبياً. كأن تداوم على اقناع نفسك بأنك إنسان سيء، و عديم النفع مثلاً. الأمر الذي من شأنه أن ينعكس على تصرفاتك، و يشعرك بالاكتئاب و القلق، و انعدام الثقة. لذلك و على الرغم من أهمية نقد الذات، لك يجب أن يكون هذا النقد بناء و يترجم بأفعال إيجابية، أما ان يقتصر على النقد السلبي و حسب فهنا مكمن الخطورة.

اقرأ أيضاً:

هل الغضب الشديد مرض نفسي؟

المراجع

  1. It’s Totally Normal to Talk to Yourself | www.healthline.com
  2. 6 Benefits of Talking to Yourself | www.lifehack.org
  3. If you’re trying to reign it in | www.healthline.com
297 مشاهدة
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى توقيف مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفح محتوى الموقع بشكل سليم.