إذا كنت ترتاد بعض النوادي الرياضية فلا بد أنه تناهى إلى مسامعك تعبير الذاكرة العضلية، فهل فعلاً يوجد للعضلات ذاكرة، و إن كان هذا المصطلح صحيح من الناحية العلمية فما هي مدة الذاكرة العضلية، و كيف تتكون هذه الذاكرة أصلاً، كل هذه التفاصيل و أكثر سيتضمنها هذا المقال. فتابع القراءة حتى النهاية لتحيط علماً بكل هذه التفاصيل.
ما هي الذاكرة العضلية؟
علمياً لا يمكن القول بأن للعضلات ذاكرة، و إنما يستخدم مصطلح الذاكرة العضلية مجازاً و تجاوزاً. للإشارة إلى القدرة على أداء تمرين رياضي معين بعد فترة من الانقطاع عن ممارسته، حيث نلاحظ في بعض الأحيان أننا ما إن نعاود لممارسة بعض الأنشطة الرياضية من مثل السباحة، أو رفع الأوزان، أو لعب كرة القدم، فإننا نجد أنفسنا قادرين على الأداء بنفس درجة الاحتراف تقريباً التي كنا عليها قبل الانقطاع، و هذا ما يسمى بالذاكرة العضلية الحركية [1] ، و الجدير بالذكر أنّه إضافةً إلى هذا النوع يوجد نوع أخر لذاكرة العضلات يكون متعلق بنمو العضلات، و سنأتي على التفصيل بكل نوع في الفقرة التالية.
أنواع الذاكرة العضلية
يتفرع مصطلح الذاكرة العضلية إلى نوعين، و هما كالآتي [2] :
أولاً: الذاكرة العضلية الحركية
نقصد بمدة الذاكرة العضلية الحركية، أي ذاكرة العضلات المرتبطة بأداء التمارين الرياضية. فمثلاً عندما تقدم على ممارسة بعض تمارين رفع الأثقال من مثل الرفعة الميتة أو البنش بريس، فإنّك في البدايات ستجد نفسك عاجزاً عن أداءه بصورة سلسلة، كما أنك ستعاني من صعوبة بالغة في رفع الأوزان المتوسطة إلى الكبيرة، و من الممكن أن تصاب ببعض التشنجات و الآلام، إلا أنّه مع الاستمرار في تنفيذ هذه التمارين و الانتظام عليها، فإنّك ستجد نفسك قادراً على تنفيذ التمرين دون أدنى صعوبة.
يعزى الفضل فيما تقدم(احتراف أداء التمارين الرياضية بعد فترة من التمرين)، إلى ما يسمى بالذاكرة العضلية الحركية. و التي أساساً تحدث في الدماغ، عبر مراكمة المهارات الحركية المكتسبة. و ما أن تعمد إلى أداء نفس التمرين، حتى يصار إلى حدوث تنسيق دماغي عضلي بهدف تنفيذ التمرين بسهولة.
يمكن ملاحظة الذاكرة العضلية بشكل جلي، عند العودة إلى الصالة الرياضية بعد فترة من الانقطاع. حيث أنّك ستجد نفسك قادراً على أداء التمارين التي كنت تعكف على ممارستها، و بنفس الأداء الذي كنت عليه تقريباً، و تجدر الإشارة هنا أنّه و على الرغم من تراجع مستواك قليلاً، و هذا أمر طبيعي بسبب الإهمال الذي مارسته بحق نفسك، إلا أنّك ستجد أنك قادر على العودة إلى عهدك السابق بصورة سريعة، و هذا ما يمكن التعبير عنه بأنك لاعب ذو خبرة سابقة.
ثانياً: الذاكرة المتعلقة بنمو العضلات
حتى تستطيع فهم مدة الذاكرة العضلية المرتبطة بنمو العضلات، يتوجب عليك بدايةً أن تكون على دراية بالآلية التي تؤول إلى بناء العضلات و تضخيمها، هذا و عندما تعمد إلى رفع الأثقال بمعنى أنك تجهد العضلات، فإنك تمارس عليها إتلاف أو تحدث فيها جروح ميكروسكوبية، و بالتالي هذا يؤدي بدوره إلى تفعيل خلايا توجد في الطرف الخارجي للعضلة تدعى Satellite Cells، و التي تعتبر بطبيعتها خلايا جذعية مسؤولة عن إعادة بناء العضلات المتهدمة [3] . و دورها يتلخص في النقطتين التاليتين:
- إعادة بناء الألياف العضلية المتهدمة، و هذا ما يسمى بالاستشفاء العضلي.
- تخليق نوى جديدة داخل الخلية العضلية، تندمج و تتواجد إلى جانب النوى التي كانت موجودة مسبقاً داخل الخلية العضلية. الأمر الذي يترجم إلى زيادة سمك العضلة و تضخيمها، لكون النوى هي المسؤولة عن تحفيز إنتاج البروتين العضلي.
إن النقطيتين السابقتين، لا سيما زيادة عدد النوى داخل الخلية العضلية، تكون المسؤولة بشكل مباشر في زيادة حجم الكتلة العضلية عند لاعبي كمال الأجسام. و لتوضيح العلاقة بين ما تقدم و بين الذاكرة العضلية المتعلقة بنمو العضلات نورد ما يلي:
أنّه مثلاً لدى ممارستك لتمارين المقاومة في النادي الرياضي لأول مرة، يكون عدد النوى داخل الخلايا العضلية قليل. و ما أن تعكف لمدة طويلة في التمرين، حتى يزداد عدد هذه الأنوية بالألية التي كنا قد تحدثنا عنها سلفاً، و التي تؤول إلى اكتساب الضخامة العضلية، و لكن عندما تنقطع عن التمرين، فإن حجم هذه العضلات ينحسر، بسبب أنّ الجسم عمل على استنزاف مخازن الجليكوجين، و من ثم ذهب لتكسير البروتين العضلي في مرحلة لاحقة، و لكن لحسن الحظ فإنّ الأنوية التي كنت قد اكتسبتها بفعل التمرين لا ينقص، و بالتالي عند عودتك للتمرين ستجد نفسك قادراً على استعادة الكتلة العضلية بسرعة قياسية، و هذا ما يسمى بمدة الذاكرة العضلية المتعلقة بالعضلات.
ما مدة الذاكرة العضلية؟
لا يمكن تأطير الذاكرة العضلية بجدول زمني معين. حيث أنّه و إلى الآن لم تخلص الدراسات العلمية إلى تحديد مدة الذاكرة العضلية بشكل دقيق. إلا أنّه ما ثبت علمياً بشك قاطع هو وجود هذه الذاكرة بشكل واضح، و التي تتشكل في الدماغ أساساً و تنعكس على العضلات عبر السلاسة الذي يبديها المتدرب بعد العودة إلى الرياضة، فمثلاً إن الكتلة العضلية التي عكفت على التمرين 5 سنوات لاكتسابها، ثم انقطعت 3 سنوات عن الرياضة، من المتوقع أن تعود لاكتسابها خلال فترة أقصر بكثير سنة( مثال لا يتعدى أن يكون توضيحي).
الجدير بالذكر أنّ الذاكرة العضلية من الممكن أن تكون أقوى، إذا ما انتظمت على أداء التمارين الرياضية لفترة أطول. و هذا الأمر بديهياً بسبب أن عدد الأنوية قد ازداد بشكل أكبر مقارنةً مع شخص لم يطل المدة في التدريبات.
كيف يمكن الاستفادة من ذاكرة العضلات؟
و للاستفادة من مدة الذاكرة العضلية بشكل كبير بعد العودة إلى التدريبات. حري بك أن تعمل على تلافي الأخطاء التي كنت تقع فيها خلال الفترة الماضية، مع التركيز على النظام الغذائي الذي يلعب دور حاسم في بناء العضلات. و فيما يلي نورد بعض النصائح في هذا الصدد:
- المداومة على رفع الأثقال مع عدم الانقطاع.
- العمل على زيادة وزن الأثقال المستخدمة بشكل تدريجي. أو العمل على زيادة عدد التكرارات في كل مجموعة، حيث أنّ الثبات في هذا سيؤدي إلى الثبات في الكتلة العضلية المكتسبة أيضاً.
- النوم لفترة كافية 8 ساعات، بسبب أنّ النوم هو الفترة التي تحدث فيها فوعة الاستشفاء العضلي.
- اتباع نظام غذائي يشتمل على 2 غ من البروتينات لكل كغ من وزنك. و من مصادر البروتين نذكر اللحوم – البيض – البقوليات – التونة
- مراعاة استهلاك الكربوهيدرات التي تمد الجسم بالطاقة، مع الحرص أيضاً على تناول الدهون الغير مشبعة، و الفيتامينات و المعادن.
- التركيز على الحركة السلبية أثناء التمارين.
- القيام بالتمارين على شكل مجموعات، بحيث تشتمل كل مجموعة على عدة تكرارات. مع مراعاة ترك فترة استراحة بين كل مجموعة لا تتجاوز الدقيقة.
- التركيز على العضلة المراد تضخيمها بصورة خاصة، من خلال تخصيص كل يوم في الأسبوع لعضلة معينة.
- الصبر، حيث أنّه و على الرغم من اثبات وجود مدة الذاكرة العضلية، إلا أنّ ذلك لا يتنافى مع ضرورة تحليك بالصبر لاسترجاع الكتلة العضلية التي كنت قد وصلت إليها سابقاً.
اقرأ أيضاً:
طريقة بناء العضلات للمبتدئين بشكل كامل
المراجع
- ↑ what muscle memory really means | www.washingtonpost.com
- ↑ What is muscle memory? | www.menshealth.com
- ↑ How Do Muscles Grow? | www.builtlean.com