كم يعيش مريض الاستسقاء الدماغي ؟ ما هو هذا المرض ؟ ما هي أسبابه ؟ كل هذا و أكثر سنتعرّف عليه في مقالنا الطبي لليوم، فتابع معنا.
مرض الاستسقاء الدماغي Hydrocephalus
قبل أن نجيب عن التساؤل : كم يعيش مريض الاستسقاء الدماغي، لا بد من تعريف هذا المرض :
الاستسقاء الدماغي هو عبارة عن تراكم السوائل بصورة غير طبيعية في تجاويف الدماغ ( البطينات )، حيث تزيد تلك السوائل من حجم التجاويف مسبِّبة بذلك ضغطًا على الدماغ.
يتألف الجهاز العصبي المركزي من المخ و النخاع الشوكي، و يحيط بهما السائل النخاعي الذي يلعب دورًا مهمًا جدًا في حماية الجهاز العصبي المركزي، حيث يدور السائل النخاعي حول النخاع الشوكي و داخل بطينات المخ، و لكن في الحالات التي يزيد فيها إنتاج هذا السائل أو حدوث انسداد في المسارات التي يتحرك السائل بداخلها، يحدث تراكم للسائل في المخ و يزداد الضغط عليه و يؤدي هذا إلى تضخّم في الرأس و حدوث اختلالات و اختلاجات عقلية، و هذه الحالة تعرف بالاستسقاء الدماغي أو استسقاء المخ أو مَوَه الرأس أو مَوَه الدماغ.
ميكانيكية مرض الاستسقاء الدماغي
أن يتساءل العديد من الأشخاص حول الإجابة الصحيحة لـ : كم يعيش مريض الاستسقاء الدماغي، يعني معرفة عملية سير هذا المرض و ميكانيكيته.
نعلم أنّ المخ يحتوي على أربعة بطينات تمتلئ بالسائل الدماغي الشوكي، و هذا يعرف بـ : الجهاز البطيني للمخ، و هذه البطينات ( تجاويف صغيرة أو حُجُرات ) متصلة مع بعضها البعض و متصلة أيضًا بالقناة المركزية الموجودة في منتصف النخاع الشوكي، و بشكل مستمر يتم تكوين السائل الدماغي الشوكي داخل تلك البطينات الأربعة.
الحالة الطبيعية لدورة السائل الدماغي الشوكي
في الحالة العادية يتحرّك السائل الدماغي الشوكي ضمن البطينات الأربعة، و ضمن الحيز تحت العنكبوت و داخل النخاع الشوكي، و ذلك من أجل حماية المخ من قسوة و صلابة عظام الجمجمة، فهو يعتبر كمصدّ للصدمات و الضربات، إلى جانب دوره أيضًا في اعتباره وسيط ينقل المواد المغذية للمخ و المواد التي يريد المخ التخلّص منها. أمّا فيما يخص كمية إنتاج هذا السائل فتكون بشكل يومي بمعدل يتراوح بين 50 إلى 500 مليلتر بحسب العمر، و ينزَح و يمتَص خلال الدورة الدموية بنفس معدّل الإنتاج، و بهذا يبقى حجمه ثابتًا من غير زيادة أو نقصان.
الحالة غير الطبيعية لدورة السائل الدماغي الشوكي
أمّا في حال حدوث خلل في التكوين قد يؤدي هذا إلى تعطّل في دورة السائل الدماغي الشوكي، و يحدث تراكم للسوائل في بطينات الدماغ و بالتالي ضغط على الأنسجة التي تحيط به، بما في ذلك القحف و الدماغ، و قد ينتج مرض الاستسقاء الدماغي عن تكوين السائل الدماغي الشوكي بمعدل أكبر من المعدّل الطبيعي، فيحدث حالة عدم توافق أو توازن بين إنتاج السائل الشوكي و بين امتصاصه، و هذا يؤدي إلى تراكمه أيضًا داخل بطينات الدماغ، و بناء على آلية المرض المذكورة، يمكن تصنيف مرض الاستسقاء الدماغي إلى نوعين هما : استسقاء دماغي متصل و استسقاء دماغي غير متصل، و كِلا النوعين يمكن أن يكون مكتسبًا أو خلقيًا.
1- الاستسقاء الدماغي المتصل | الاستسقاء الدماغي غير المسدود
يحدث الاستسقاء الدماغي المتصل بسبب وجود خلل في إعادة امتصاص السائل النخاعي، و قد تم وضع نظرية تتضمن أنّ هذه الحالة تحدث بسبب وجود اضطراب وظيفي من حبيبات باتشيوني ( الحبيبات العنكبوتية ) الواقعة على طول الجيب السهمي العلوي و هو مكان إعادة امتصاص السائل النخاعي في الجهاز الوريدي مرة أخرى.
إلى جانب وجود الكثير من الأحداث العصبية التي من شأنها أن تسبِّب مرض الاستسقاء الدماغي المتصل، مثل :
- الإصابة بالتهاب السحايا.
- غياب الزغب العنكبوتية منذ الولادة.
- النزيف الحاصل داخل بطينات الدماغ.
- النزيف الحاصل في المنطقة تحت العنكبوتية.
- تليّف و تندّب المنطقة تحت العنكبوتية الذي يتبع الالتهابات.
- الأمراض المعدية.
- الحوادث التي يحصل بها نزيف يمكن أن يؤدي إلى منع امتصاص السائل النخاعي و بالتالي حدوث توسّع يشمل بطينات الدماغ الأربعة.
2- الاستسقاء الدماغي غير المتصل | الاستسقاء الدماغي المسدود
يحدث الاستسقاء الدماغي المسدود بسبب انسداد في سريان السائل النخاعي، أمّا عن الانسداد فيمتلك عدة أشكال، نذكرها :
- وجود انسداد في فتحة مونرو ( هي عبارة عن قنوات تقوم بربط زوج البطينين الجانبيين بالبطين الثالث في خط الوسط من الدماغ )، و هذا الانسداد قد يؤدي إلى حدوث توسّع في بطين واحد فقط ( هذا في حال كان الانسداد كبيرًا، في الكيس الغرواني على سبيل المثال )، أو حدوث توسّع في كِلا البطينين الجانبيين.
- انسداد في قناة سلفيوس، حيث في الحالة الطبيعية تكون القناة ضيقة، و لكن يمكن أن يحدث انسداد فيها نتيجة عدة إصابات التي يمكن أن تكون بسبب وجود عوامل مكتسبة أو جينية ( مثل : التهاب في البطانة العصبية، الرتق، ورم، أو نزيف )، ليحدث اتساع في كِلا البطينين الجانبيين و البطين الرابع أيضًا.
- انسداد في البطين الرابع، إنّ حدوث انسداد في البطين الرابع قد يؤدي إلى توسّع في قناة سلفيوس و في كِلا البطينين الجانبيين و البطين الرابع أيضًا.
- انسداد في فتحة لوشكا و فتحة ماجندي ( الفتحة الذيلية تسمّى بثقبة ماجندي، بينما الفتحتان الجانبيتان تسمّى بثقبتي لوشكا )، فحدوث انسداد فيهما بسبب فصل خلقي في الفتحتين قد يؤدي إلى الإصابة بالاستسقاء الدماغي المسدود، مثل : تشوه داندي ولكر.
كم يعيش مريض الاستسقاء الدماغي
على الرغم من أنّ مرض الاستسقاء الدماغي هو مرض خطير و مميت و لكن إذا تم علاجه و إدراته بشكل صحيح فيمكن أن يساعد هذا الأمر على تحسين جودة حياة المريض، إذًا الإجابة عن السؤال : كم يعيش مريض الاستسقاء الدماغي، ترتبط بتوقيت العلاج، فإذا لم يتم علاج المرض بالطريقة الصحيحة و تم إهماله فسيصاب المريض بمضاعفات خطيرة قد تؤدي إلى الوفاة.
أسباب مرض الاستسقاء الدماغي
بعد معرفة الإجابة عن السؤال : كم يعيش مريض الاستسقاء الدماغي، و ما هو هذا المرض و ميكانيكته، سنتعرَّف فيما يلي على أبرز أسباب هذا المرض، و التي تم تصنيفها إلى أسباب خلقية و أسباب مكتسبة :
1- أسباب خلقية
تظهر أعراض مرض استسقاء الدماغ بعد الولادة مباشرة، حيث يكون هناك خلل ما عند تكوّن فقرات العمود الفقري و الجهاز العصبي لدى الجنين، الأمر الذي يسبِّب نشوء فتحة ضمن عظام العمود الفقري يخرج منها النخاع الشوكي إلى خارج الجسم، و عادة ما يتحرَّك النخاع الشوكي إلى أسفل موضعه الطبيعي، ليتحرك أيضًا المخ و المخيخ نحو الأسفل، و بهذه الحالة ينغلق ” ثقبي لوشكا و ماجندي ” و ينغلق مسار السائل الدماغي الشوكي ليتراكم في البطينات الدماغية، مما يؤدي إلى توسّعها و من ثم الضغط على نسيج المخ الذي يحيط بها.
2- أسباب مكتسبة
يمكن أن يظهر مرض استسقاء الدماغ في حالة التهاب المخ و الأغشية التي تحيط به ( التهاب السحايا )، أو في حالة إصابة الرأس أو وجود ورم في المخ، حيث تظهر أعراض المرض على المريض الذي لم يكن يعاني من قبل من أي خلل في تكوين المخ أو الجهاز البطيني، و بغض النظر عن المرحلة العمرية للمريض.
أعراض مرض الاستسقاء الدماغي
قبل أن نذكر ما هي أعراض مرض استسقاء الدماغ، لا بد من ذكر أنّ المظاهر السريرية للمرض تختلف باختلاف مدة الإصابة بالمرض.
و من المرجح أنّ التوسع الكبير الحاصل في بطينات الدماغ ظهوره مع الأعراض، و ذلك بسبب الضغط الكبير الحاصل داخل القحف، على عكس التوسع المزمن، أمّا أعراض هذه الزيادة تشمل ما يلي :
- التقيؤ.
- ذمة الحليمة.
- الغيبوبة.
- النعاس.
- الصداع.
و قد تؤدي هذه الزيادة في الضغط إلى فتق ضمن أجزاء الدماغ، و هذا يسبِّب بدوره ضغطًا على منطقة جذع الدماغ، و هذه الحالة خطيرة قد تؤدي إلى الموت.
يوجد أيضًا نوع من مرض استسقاء الدماغ يسمّى : استسقاء الرأس ذو الضغط الطبيعي، حيث يعتبر الخرف و التبول اللاإرادي من أبرز أعراضه، و قد يحدث شلل في قدرة المريض على النظر عموديًا و شلل في العصب الدماغي. عمومًا، أعراض هذا المرض تعتمد على عمر المريض، سبب الانسداد أو الانغلاق، و كمية الأنسجة الدماغية المتضررة بسبب التورّم.
أعراض مرض الاستسقاء الدماغي عند الأطفال
أمّا بالنسبة للأطفال المصابين بالاستسقاء الدماغي، فيتراكم السائل الدماغي الشوكي في الجهاز العصبي المركزي، الأمر الذي يسبب انتفاخ في اليافوخ، ليصبح حجم الرأس كبيرًا جدًا، و من أبرز الأعراض التي تظهر مبكرًا ما يلي :
- الإصابة بالتشجنات.
- النعاس.
- التقيؤ.
- التهيّج.
- العيون المحدّقة نحو الأسفل.
- انفصال عظام الجمجمة عن بعضها البعض.
أمّا الأطفال الأكبر سنًا فيمكن أن تظهر عليهم الأعراض التالية :
- النوم المفرط.
- بكاء بصوت عالي و بنبرة شديدة.
- تغيرات في الذاكرة و الشخصية.
- تباعد العينين.
- تغيّرات في شكل الرأس.
- عيون مغمضة.
- صعوبة التغذية.
- تغيرات في قدرة الطفل على التفكير.
- التبول اللاإرادي.
- التهيّج.
- الصداع.
- ضعف أو فقدان السيطرة على الأعصاب.
- صعوبة المشي.
- بطء في النمو للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0 و حتى 5 سنوات.
- حركة مقيدة أو حركة بطيئة.
- التقيؤ.
- تشنج العضلات.
و من الجدير بالذكر أنّ ربع مرضى الاستسقاء الدماغي يصابون بالصرع.
هذا كان مايتعلق بمرض الاستسقاء الدماغي، لا تنسى أن تتصفح مدونتنا و تقرأ ما شئت من مواضيع المقالات التي تثير اهتمامك لتنهل من بحر المعرفة و العلم.
اقرأ أيضًا :
الوقاية من السكتة الدماغية | هل يوجد طرق وقاية فعلًا ؟
أعراض الجلطة الدماغية قبل حدوثها | و هل يوجد فرق بهذه الأعراض بين الرجال و النساء