بالعودة إلى التاريخ الوبائي لداء الزهري نجد أنّه سجل في عام 1999 ما مقداره 12 مليون إصابة به، مما يجعله أحد أشيع الأمراض المنقولة جنسياً، و على الرغم من تراجع معدلات الإصابة بهذا المرض في البلدان النامية، بسبب قابلية علاجه باستخدام الصادات الحيوية، إلا أنّه وبالمقابل كان قد سجل المرض أعلى معدل انتشار له في البلدان المتقدمة من مثل أوروبا و أمريكا في عام 2016، و يعزى ذلك إلى شيوع الممارسات الجنسية الشاذة دون وسائل حماية، إذ أنّه و في ذلك العام تحديداً و بحسب تقرير صادر عن مركز السيطرة على الأمراض و الوقاية منها، فإنّه من أصل 27.816 إصابة، كان أكثر من نصف هذه الحالات في أوساط الشواذ، و ما يزيد من خطورة هذا المرض أنّه يرفع من احتمالية نقل عدوى الإيدز حتى 2 – 5 أضعاف، و يؤدي إلى الكثير من المضاعفات على مستوى كامل الجسم، قد تصل لحد الموت، كما أنه يكون مسؤول عن وفاة 700.000-1.600.000 جنين سنوياً .
ما هو داء الزهري؟
يشار إلى داء الزهري باسم السفلس و هو أحد الأمراض المنقولة جنسياً، إذ ينتج عن الإصابة بجرثومة اللولبية الشاحبة، و التي ما أن تنتقل إلى الإنسان حتى تتسبب بالكثير من الأعراض التي تتعاظم حدتها مع التقادم في زمن الإصابة، إذ أنّه في بادئ الأمر لا يتعدى شكل الإصابة به عن تقرحات جلدية في المناطق التناسلية، و في حال عدم المعالجة من الممكن أن تتفاقم الحالة وصولاً إلى مضاعفات على مستوى القلب و الدماغ، و الجدير بالذكر هنا أنّ بعض المرضى من الممكن ألا يبدون أية علامات، بسبب أن الجرثومة لديهم تبقى كامنة لسنوات، إلى حين أن تعاود نشاطها.
الجدير بالذكر أن داء السفلس يشيع في أوساط الأشخاص الذين يقيمون علاقات جنسية متعددة دون وسائل حماية، و كذلك عند الأشخاص الذين يمارسون الجنس الشرجي أو الفموي، كما أنّه ينتشر في أوساط الشواذ بشكل كبير، كما أنّه من الممكن أن ينتقل عند نقل الدم، أو الوخز بإبرة ملوثة، أو كأن ينتقل من الأم إلى جنينها أثناء الحمل، حيث أنّ الجرثومة و أياً كان الطريق الذي سلكته وصولاً إلى الإنسان، فإنّها تعمل على اختراق الغشاء المخاطي، و من ثم تعمل على الانتشار في العقد اللمفاوية و الدم، لتحدث المرض [1] .
أسباب داء الزهري
تتهم جرثومة اللولبية الشاحبة في إحداث الإصابة بداء الزهري، و هي جنس بكتيري سالب الغرام، تأخذ شكل لولبي، و يحدث أن تنتقل هذه البكتيرية من شخص مصاب إلى أخر سليم، في شتى أطوار المرض، كما أنّه من الممكن أن تنتقل في الطور الغير عرضي للداء، و في حال تم علاج المصاب بالزهري فإنّه من غير الممكن أن تعاود الإصابة إلى الظهور من تلقاء نفسها، لكن من الممكن للمريض السابق أن يعود إلى التقاط العدوى، في حالة التماس المباشر مع قرحة مصاب بداء الزهري، و من الطرق التي يحدث أن تنتقل عبرها العدوى نذكر [2] :
- ممارسة الجنس مع شخص مصاب بداء الزهري.
- ملامسة الغشاء المخاطي للقروح سواء تلك التي تظهر في المناطق التناسلية أو على الفم.
- يحدث أن ينتقل المرض من الأم إلى الجنين، سواء خلال الحمل أو عند الولادة، الأمر الذي يؤدي إلى إصابة الطفل بالزهري الخلقي، الذي يتسبب بالكثير من التشوهات، و التي تصل إلى حد الموت.
- نقل الدم.
- عن طريق الجروح.
- من النادر أن ينتقل المرض عبر التقبيل.
الجدير بالذكر أنّه لا يمكن لداء الزهري أن ينتقل عن طريق استخدام الأغراض الشخصية للمصاب. كما أنّه لا يمكن له أن ينتقل عن طريق مشاركة المريض، المرحاض أو أحواض الاستحمام.
أعراض داء السفلس
يمكن تقسيم الأعراض التي ترافق مرض الزهري إلى أربعة مراحل أو أطوار، و هي كما يلي [3] :
أولاً: الزهري الأولي
بعد تعرض الشخص للعدوى بداء الزهري، فإنّه لا يبدي أية أعراض في بادئ الأمر، و بعد مرور 10 – 90 يوم على الإصابة، تبدأ أولى العلامات بالظهور، و هي:
- قرحات تناسلية، تكون صلبة، حمراء، غير مؤلمة(غالباً ما تكون قرحة واحدة، تمثل مكان نفوذ البكتيرية إلى الجسم).
- قرحات داخل الفم أو على محيطه.
الجدير بالذكر أن هذه التقرحات الجلدية من المتوقع لها أن تشفى بمجرد مرور شهر إلى شهرين على الإصابة. و ذلك دون حتى أن تترك أي أثر أو ندبات على سطح الجلد.
ثانياً: الزهري الثانوي
بعد مرور أسابيع على غياب التقرحات الجلدية الأصلية، فإن داء الزهري يكون قد دخل في الطور الثاني من الأعراض، و هي كما يلي:
- طفح جلدي غير حاك يكون بلون زهري، و يتظاهر بشكل خاص في راحتي اليدين، و أخمص القدمين.
- تبدي المنطقة الأربية اندفاعات جلدية طرية.
- تقرحات بيضاء داخل الفم.
- تساقط الشعر.
- آلام عضلية.
- ترفع حروري.
- خسارة الوزن.
- تورم الغدد اللمفاوية.
من الممكن أن يتجاوز المريض أعراض هذه المرحلة دون أن يتلقى أية معالجة، شأنها شأن أعراض المرحلة الأولى.
ثالثاً: الزهري المستتر
من المحتمل أن يتطور المرض إلى هذه المرحلة، التي تمتاز بعدم إبداء أية أعراض، حيث يبقى داء الزهري هنا كامناً لسنوات، و من المحتمل أن يعاود المرض نشاطه، ليتحول إلى المرحلة الثالثة.
رابعاً: الزهري الثالثي
في حال عدم تحسس المريض لإصابته بداء الزهري، و عدم تلقيه العلاج المناسب، فإن المرض سيتطور إلى هذه المرحلة و ذلك في 15 – 30 % من الحالات، التي تؤدي إلى ظهور أعراض و مضاعفات خطيرة على مستوى القلب و الأوعية الدموية، و الدماغ، و الأعصاب، و الكبد، و العظام، و المفاصل، و من المرجح أن تنتهي هذه المرحلة بموت المريض و من أعراضها نذكر:
- الخرف.
- العمى.
- الشلل.
- فقدان السمع.
- العجز الجنسي.
الزهري الخلقي
يحدث أن ينتقل داء الزهري من الأم الحامل المصابة به إلى الجنين سواء أثناء مرحلة الحمل، أو أثناء الولادة، و على الرغم من ترجيح احتمالية الإجهاض، أو أن يولد الجنين ميتاً في هذه الحالة، إلا أنّه من المحتمل أيضاً أن يولد الجنين دون أن يبدي أية أعراض، عدا عن وجود طفح جلدي على راحة اليدين و أخمص القدمين.
و مع نمو الطفل، تبدأ الأعراض الأكثر خطورة بالظهور، من مثل الصمم – و الانف السرجي – و تشوهات الأسنان.
مضاعفات داء الزهري
إن عدم علاج داء الزهري من شأنه أن يؤدي إلى الكثير من المضاعفات على مستوى الجسم. فضلاً عن المشاكل التي تؤول عنه لدى الحمل، و من هذه المضاعفات نذكر :
- نتوءات على الجلد، ومختلف أعضاء الجسم.
- مشاكل في الجهاز العصبي من مثل، الصمم – العمى – الخرف – السلس البولي – السكتة الدماغية.
- مضاعفات على مستوى القلب و الأوعية الدموية من مثل، قصور و تلف في الصمامات القلبية – تضخم الأوعية الدموية، لا سيما الشريان الأورطي.
- تزداد فرصة الإصابة بفيروس الإيدز في ظل الإصابة بداء الزهري حتى 5 أضعاف الحالة الطبيعية.
- ولادة جنين مشوه.
- الإجهاض.
علاج داء السفلس
يكون من السهل علاج داء الزهري فيما إذا تم تشخيصه في المراحل المبكرة. علماً أن المعالجة تكون قائمة بشكل أساسي على البنسلين، على اعتبار أنّه صاد حيوي له القدرة على القضاء على الجرثومة المسببة لهذا المرض، و الجدير بالذكر هنا أنّه في حال كان الشخص يشتكي من حساسية تجاه البنسلين، من الممكن حينها أن يلجأ الطبيب إلى صرف صاد حيوي أخر ينوب عنه [4] .
و ننوه إلى أن البنسلين يكون قادر و عبر حقنة واحدة على تدبير المرض، و ذلك في حال لم تتجاوز العدوى عامها الأول، أما بالنسبة لأولئك الأشخاص الذين كانوا قد التقطوا العدوى لأكثر من سنة من الزمن، فعندها يستدعي الأمر كورس مطول من البنسلين.
أما بالنسبة للسيدات الحوامل اللواتي كانوا قد التقطوا العدوى، فإن البنسلين هو الدواء الوحيد المصرح له بعلاجهنّ، و في حال كانت المرأة تبدي حساسية تجاه هذا الصاد، فمن الممكن حينها أن يلجأ الطبيب إلى نزع الحساسية، لتكون الأخيرة قادرة على تلقي العلاج، و ما أن تلد الجنين الذي كانت حامل به أثناء إصابتها بالعدوى، فإنّه عادةً ما يتم العمل على إخضاع الوليد لكورس من الصادات الحيوية.
الوقاية من داء الزهري
على اعتبار أنّ الإصابة بداء الزهري لها الكثير من المضاعفات الخطيرة. فإنّ هذا يستدعي بطبيعة الحال أخذ الحذر و الحيطة منه، و الوقاية من الإصابة به، و يمكن أن يتحقق ذلك باتباع ما يلي من نصائح:
- تجنب العلاقات الجنسية المتعددة.
- استخدام واقي ذكري، يكون كفيل بمنع انتقال العدوى.
- الابتعاد عن الممارسات الجنسية الشاذة.
- تجنب استخدام الأبر التي سبق و أن استعملت من قبل شخص أخر.
اقرأ أيضاً:
اعراض داء الفيل | ثاني أكثر الأمراض تسبباً بالعجز الدائم
المراجع
- ↑ Syphilis – CDC Basic Fact Sheet | www.cdc.gov
- ↑ Syphilis: Symptoms, Diagnosis, Treatment, and Prevention | www.healthline.com
- ↑ Syphilis | www.mayoclinic.org
- ↑ Syphilis | www.webmd.com