جعل الله تعالى أحكامه الشرعية وفق قسمين، الأول : معقول المعنى، أي يمكن للإنسان أن يعرف الحكمة من الحكم الشرعي إمّا بإخبار الشرع الإسلامي بها، أو باستنباطها من قِبَل العلماء، مثل : إخبار القرآن الكريم عن الحكمة من الصلاة، حيث قال الله تعالى في سورة العنكبوت : ” وَ أقِم الصَّلاة إنَّ الصَّلاة تَنهى عن الفحشاءِ و المُنكَر”، و أمّا القسم الثاني : هو التكاليف الشرعية و الأحكام الشرعية التي تكون غير معقول المعنى، ففي هذه الحالة لا يمكن للإنسان أن يعرف الحكمة من هذا الحكم الشرعي و ما هو السبب الداعي لهذا الحكم، مثل : عدد الركعات في الصلوات و عدد الجمرات التي يقوم الحجاج برميها، و تقتضي الحكمة من هذا القسم هي ابتلاء الناس و اختبار صبرهم و مدى تسليمهم لله تعالى و الامتثال لأوامره و الابتعاد عن نواهيه، إلا أنّ أكثر التكاليف و الأحكام الشرعية هي معقول المعنى. و في هذا المقال سنجيب عن سؤال يطرح بكثرة ” لماذا حرم الذهب على الرجال “.
لماذا حرم الذهب على الرجال
قد يتساءل كثيرون : لماذا حرم الذهب على الرجال، في شريعة الإسلام ورد صراحة نص في السنة النبوية حول تحريم لبس الذهب للرجال، حيث روي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، قال : ” إنّ نبيَّ الله صلى الله عليه و آله و سلّم أخَذَ حريرًا فَجَعَلَه في يمينه، و أَخَذَ ذَهَبًا فجعله في شماله، ثم قال : إنَّ هَذينِ حرامٌ على ذكورِ أمَّتي “. و العِلّة أو السبب من تحريم لبس الذهب على الرجال هي :
- عدم الخيلاء و الإسراف.
- و لأنه جاء من أجل تزيّن النساء لأزواجهن.
- إضافة إلى عدم تشبّه الرِجال بالنساء، كون تحلّي الرِجال بالذهب يجعله يشبه النساء في اتّخاذ الذهب مثل الزينة لهنَّ.
- ثم استنادًا لحديث رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، حيث ورد عن عبد الله بن عباس، قال : ” لَعَنَ رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم المتَشبّهين من الرِّجال بالنِّساء، و المتَّشبّهات من النِّساءِ بالرِجال “.
فعلى على رجل مسلم أن ينقاد إلى الأحكام الشرعية سواء أَعَرِفَ العِلّة من هذا أم لا يعرف، و على كل رجلٍ مسلم أن يبتعد عن كلِّ أمرٍ قد يجعله متّشبّهًا بالنِّساء و لو كان صغيرًا.
هل هناك استثناء من تحريم لبس الذهب للرجال
إنّ العلماء و الفقهاء المسلمون قاموا بذكر بعض الحالات التي تستثنى من تحريم لبس الذهب للرجال، و طبعًا مستدلّين بهذا الاستثناء على القواعد الفقهية و أصول تلك القواعد. و حالات الاستثناء هي كما يلي :
1- اتّخاذ الأنف من الذهب
أجمع علماء المسلمين على أنه من خسر أنفه لسبب ما، فإنه في هذه الحالة يجوز له أن يقوم باتّخاذ أنفًا من ذهب، و الدليل على ذلك، يومَ الكلابِ قطع أنف ” عجرفة بن أسعد ” فاتّخذ أنفًا من ورِقٍ، فَأَنتن عليه، فأمره النبي الكريم صلى الله عليه و آله و سلم، فاتّخذ أنفًا من ذهب. و هذا دليلًا قاطِعًا على أنّ الشريعة الإسلامية تأتي بأحكام يسيرة وِفقًا للقاعدة الفقهية ” الضرورات تبيح المحظورات “.
2- اتّخاذ السن من الذهب
بعد أن أجبنا عن السؤال ” لمذا حرم الذهب على الرجال “، انتقلنا إلى الحديث بعد ذلك عن الحالات التي يستثنى منها تحريم لبس الذهب على الرجال، حيث بعد أن اتخذ عجرفة بن أسعد أنفًا من ذهب بعد أن قطع أنفه استجابةً لأمر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، فذكر الترمذي : روي عن أحد من أهل العلم بأنهم شدّوا أسنانهم بالذهب، إلّا أنّ جمهور العلماء أجمعوا على عدم جواز اتّخاذ الذهب أي شرائه من أجل تزيين الأسنان للرجال دون أن يكون هناك حاجة لذلك.
3- اتّخاذ الإصبع أو اليد من الذهب
ذهب الفقهاء إلى جواز اتّخاذ الإصبع أو اليد ذهبًا عوضًا عن عضو من أعضاء جسد الإنسان، و لكن بشرط أن تقتضي الحاجة إلى ذلك، و بناءً على هذا مَن فَقَد أَنمَلة من أصبع من أصابع يده أو أكثر من ذلك، فيجوز له أن يعوضها بالذهب و ذلك قياسًا على اتّخاذ الأنف من الذهب.
4- اتّخاذ الرجل للذهب في آله الحرب
اتّخاذ الرجل للذهب في آله الحرب هي حالة استثناء من تحريم لبس الذهب للرجال، حيث يجوز أن يكون رأس مقبض السيف من الذهب، حيث روي عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، ” اتّخذ ذهبًا على مقبض السيف “، و ذلك لأنّ اتّخاذ جزء من آلة الحرب إغاظة للكفار، و لكن ينبغي للرجل المسلم أن يقتصر في اتّخاذ الذهب في آلات الحرب على ما أتى به الصحابة الكِرام رضي الله تعالى عنهم من الأشياء اليسرة، مثل : المسمار و غيره من الأجزاء الصغيرة.
الإعجاز العلمي في تحريم الذهب على الرجال
سؤال ” لماذا حرم الذهب على الرجال ” يطرح بكثرة، و لكن بعد أن أجبنا عن هذا السؤال، سنتطرق إلى بيان الإعجاز العلمي في تحريم لبس الذهب للرجال، فسبحان الله، لا يوجد شيء حرّمه الله عندما نزل القرآن الكريم منذ 1400 عام، ليأتي علماء العصر الحديث و يجدون تأثر لبس الذهب على الرجال، حيث أثبتت العديد من الأبحاث الطبية بأنّ الذهب يؤثِّر على الرجال دونًا عن النساء على كريات الدم الحمراء، و ذلك لأنّ الطبقة الدهنية التي تكون موجودة بينجلد المرأة و بين جسمها تساعد في منع الإشعاع الذي ينتج عن الذهب، و كما أثبتت أيضًا العديد من الأبحاث الطبية بأنّ إشعاع الذهب يؤثِّر سلبًا على الهرمونات الذكرية [1].
بعض الدلائل في تحريم لبس الذهب للرجال
إضافة إلى الحديث النبوي الذي ذكرناه في الفقرة ” لماذا حرم الذهب على الرجال “، نذكر أيضًا :
- بأنّه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بأنّ النبي صلى الله عليه و آله و سلم رأى خاتمًا من ذهب في يد رجل فنَزَعهُ و طَرَحَهُ، و قال : يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده، فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم خُذ خاتمك انتفع به، فقال : لا و الله لا آخذه و قد طرحه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم.
- و كما روى الإمام أحمد في حديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما بأنّ النبي قال : ” مَن ماتَ من أمتي و هو يتحلّى بالذهب حَرَّمَ الله عليه لباسه في الجنّة “.
- و ورد أيضًا في سنن النَسائي، عن أبي سعيد، أنّ رجلًا قدمَ من نَجران إلى رسول الله و عليه خاتم من ذهب، فأعرض عنه رسول الله، و قال : ” إنك جئتني و في يدك جمرة من نار “.
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى خِتام مقالنا الذي أجبنا فيه عن سؤال : ” لماذا حرم الذهب على الرجال “، مع ذكر الحالات التي يجوز فيها للرجل المسلم أن يتّخذ فيها الذهب.
اقرأ أيضًا :
لماذا سميت سورة الفاتحة بهذا الاسم | و أسماء أخرى لم تعرفها من قبل
المراجع
- ↑ www.quora.com | Why is it not allowed for a male Muslim to wear gold