للأسف انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة ” التسول “، في المجتمعات العربية و الإسلامية و بشكل كبير، و بلا شك تكمن بين ثناياها السلبيات و المشاكل الأخلاقية و الاجتماعية، فما هي أسباب هذه الظاهرة؟ و ما هي حلولها؟ و ما هي نظرة شريعة الإسلام لها؟ هذا ما سنتعرفه في مقالنا اليوم موضوع عن التسول.
تعريف التسول
أهم ما نبدأ به موضوع عن التسول هو تعريفه، من أجل البحث عنه و إيجاد حلول له، فالتسول هو طلب الطعام و المال و خصوصًا في الشوارع، و خصصنا الشوارع بسبب الارتباط الوثيق بينه و بين التشرّد، حيث تشير الدراسات إلى أنّ أكثر من 80% من المتسوّلين لا يملكون مأوى أو مسكن، و المتسولون هم الفئة المجتمعية الأكثر ضعفًا، فهم يعانون من الحرمان و الفقر الشديد، و هم متعرِّضون أكثر للمخاطر. و بيَّنت الأبحاث التي قامت بها جامعة جلاسجو بأنّ التسول مقرون بالجشع و الطمع، فهناك الكثير من المتسولين مِمَّن يتسولون لشراء الكحول و المخدِرات، ليس لأنهم بلا مأوى و لأنهم جائعين، و غالب الأحيان نجدهم ينتمون إلى عائلات تعاني و تقاسي البطالة، أو تعاطي المخدرات، و أمّا من الجانب النفسي فإنهم يعانون من قلّة تقدير الذات [1].
أسباب التسول
لإكمال حديثنا موضوع عن التسول، فيما يلي أهم و أبرز أسباب التسول، و التي تشكِّل نسبة 95% تقريبًا [2]. و هي كالتالي :
1- الفقر
أول ما تعمدنا ذكره هو الفقر، لأنه السبب الرئيسي في التسول، حيث يجعل الكثيرين في حالة عدم القدرة على إعالة عائلاتهم و أطفالهم، فهم لا يمتلكون حتى أبسط و أدنى مقومات الحياة، لا يملكون قوت يومهم، و لا يتمكنون من الحصول على فرص عمل، الأمر الذي يجعلهم يلجأون إلى التسول.
2- المرض
يوجد من المرضى مِمّن لا يملكون ثمن علاجهم أو علاج لأطفالهم أو ذويهم، و انهزموا أمام كلفة العلاج الباهظة أو حتى لو كانت متدنية، فهم لا يجدون ثمنها، و بالرغم من تذرّع الكثير من المتسولين المرضى بوثائق طبية مزوّرة من أجل الحصول على المال، إلّا أن هناك بعض الحالات التي تكون بالفعل بحاجة إلى مال للعلاج فقط لا أكثر.
3- التعوّد
هناك من المتسولين للأسف مِمَّن ورثوا هذه العادة السيئة من آبائهم أو ذويهم، و الذين كانوا سبّاقون في ميادين التسول دون الشعور بالتردد و الارتباك و الحرج، و هذه الحالة هي من الحالات الصعبة و المعقّدة، و ذلك بسبب قناعة الفرد التي بنيَت على أن التسوّل ضروري مهما كانت الأسباب، فالمتسوّل من أجل أن المال يمكن أن يتم توقيفه من خلال تكفّل الجهات المعنية، و لكن المتسوّل بالوراثة و التعوّد يحتاج لبذل مجهود كبير من أجل إقناعه بأن ما يفعله غير لائق أبدًا و مخلّ بالضوابط الأخلاقية و الاجتماعية.
4- المعتقدات البالية الخاطئة
هناك مِمّن يعتقد أن التسوّل أمر طبيعي، و أنه لا يشكِّل أي عيب اجتماعي أو أخلاقي أو حتى فطري، و هو لا يختلف عن الاجتهاد و الكد و العمل، و لكنه يحتاج إلى الذل و الإهانة و هدر الكرامة، و هذا ما ينافي و يخالف القيم المجتمعية.
حلول ظاهرة التسول
و كختام الحديث موضوع عن التسول، نذكر بعض من الخطط العامّة التي وضعتها الجهات الرسمية و الهيئات الخاصة بالإصلاح المجتمعي و الجمعيات الإنسانية و التي يمكنها أن تحدّ من هذه الظاهرة [3] :
- تشجيع و تحفيز الأفراد على العمل، بدلًا من اللجوء إلى التسول.
- تحسين الوضع الاقتصادي العام للأفراد.
- التكفّل برعاية الأيتام، فمن يفقد المعيل، يحتاج إلى مَن يعيله، و غالب الأحيان تتولّاهم وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع بعض الجمعيات و الجهات الخيرية.
- توزيع الثروات، حيث يجب ألّا تنحصر الأموال لفئة اجتماعية محددة دون الأخرى، أو ضمن طبقة معينة.
- سنّ القوانين التي تقوم بمعاقبة كل من يقوم بالتسول، و تلاحق مجموعته التنظيمية و التجار الذي يختبئون وراء الكواليس، و لا يظهرون ضمن الميادين العامّة كما يفعل المتسولون.
- العمل على ندوات تثقيفية توعوية عن الآثار السلبية للتسوّل على المستوى الفردي و المجتمعي.
- توعية الوالدين على تشجيع أطفالهم على الاعتماد على أنفسهم و عدم طلب المعونة من الناس.
نظرة شريعة الإسلام إلى التسول
جميعنا نعلم بأن الشريعة الإسلامية شريعة عامّة شاملة، لم تغفل مطلقًا عن أي قضية من القضايا الاجتماعية للمسلم، و من بين هذه القضايا هي التسول و سؤال الغير، فقد ذكر النبي محمد صلى الله عليه و آله و سلم، منهجًا واضِحًا للقضاء على هذه الظاهرة، فحثَّ على طلب المسلم لرزقه بالسعي و العمل و الكدّ و الاجتهاد بعيدًا عن التواكل و الاعتماد على الغير والكسل عن العمل، فقال صلى الله عليه و آله و سلم : ” لَأن يَحتَطِبَ أحدُكم حزمةً على ظهرِه، خيرٌ من أن يَسَأَلَ أحدًا، فيعطيهِ أو يمنعه ” كما في صحيح البخاري، كما ذكر صورة مَن يسأل الناس بشكل كبير في الدنيا، فقال : ” لا تزالُ المسألة بأحدِكُم حتى يَلقى الله، و ليسَ في وجههِ مُزعةُ لَحمٍ ” ( صحيح مسلم ).
و إلى هنا نكو قد وصلنا إلى ختام هذا المقال، و من المهم جدًا أن نساهم بالحدّ من هذه الظاهرة.
اقرأ أيضًا :
المراجع
- ↑ www.dictionary.com | Definition of begging
- ↑ www.quora.com | reasons for begging
- ↑ www.theguardian.com | Solutions to the phenomenon of begging