لا يمكننا أن نحصر الكرم في مواقف معينة، أو نختصر الحديث عنه بذكر بعض الخِصال التي تنُم عنه، فأن تسعى لمصلحة أخيك و مساعدته هذا كرم أخلاق منك، و أن تقوم بتقديم المساعدة للفقير دون أن يَطلب منك هذا كرم أخلاقي و مادي في آنٍ واحد، فالأمثلة كثيرة و الحديث يطول. فجئنا لنلقي بين أيديكم موضوع عن الكرم.
موضوع عن الكرم
إن الكرم أو العطاء من أكثر الصِّفات المحمودة بين الناس، مع الحذر من الإفراط فيه حتى لا يصل إلى مرحلة التبذير، فلا يمكن للمرء أن يكون كريمًا على الناس لدرجة تجعله لا يجد شيئًا من ماله لينفق على أهل بيته، و في الجانب الآخر لا يمكن للإنسان أن ينفق على من حوله من غرباء، و هو يعلم بأن قريبه يمرّ بضائقة شديدة مثل الأخ أو الأبناء أو الوالدين. و للكرم أشكال عديدة، فقد يَنصح المرء أخيه في موضوعٍ ما تنفعه في دينه و دنياه، فهذا يسمى عطاء، و من يملك حديثًا شافيًا للجِراح و كلمة طيبة للناس فهذا كرم، و مَن يسعى دائمًا في مساعدة الناس فيحبهم و يسمع لهمومهم و يعفو عن زلاتهم، فهذا من أشكال العطاء أيضًا [1].
موضوع عن الكرم في الإسلام
قال رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه و آله و سلم : ” إنما بعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق “، فكل المؤمنين المسلمين ينبغي أن تعلَم بأن الإسلام حرص و يحرص على كل ما يوجد فيه منفعة للإنسان، فحثَّهم على التحلّي بفضائل الأخلاق و نهاهم عن رذائلها، كما حرص الإسلام على تشجيع المسلمين على التعاون فيما بينهم و تنمية الروح التشاركية، فمن هذا الجانب شجَّع على الكرم التي كانت صفة أصيلة متجذَِرة في الأخلاق العربية [2]. و قد جاء في السنة النبوية الشريفة أحاديث للنبي محمد صلى الله عليه و آله و سلم تتحدث عن هذه الفضيلة. فجمعنا بعضًا منها لنكمل موضوع عن الكرم في الإسلام :
- قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ” لا حَسَد إلّا في اثنتين : رجلٌ لآتاهُ الله مالًا، فَسَلَّطهُ على هلكتهِ في الحق، و آخر آتاهُ الله حكمةٌ فهو يقضي بها و يعلِّمها “.
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ” ما سئل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم على الإسلام شيئًا إلّا أعطاه، قال : فجاءه رجلٌ فأعطاه غَنَمًا بين جَبَلين، فرجع إلى قومه، فقال : يا قومِ أسلِموا، فإنّ محمدًا يعطي عطاءً لا يخشى الفَاقَة “.
- قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ” ما مِن يومٍ يصبحُ العباد فيه، إلَا مَلَكانِ ينزلانِ، فيقول أحدهما : اللهم أعطِ منفقًا خَلَفًا، و يقول الآخر : اللهم أعطِ ممسِكًا تَلَفًا “.
ضوابط الكرم في الإسلام
من أهم الضوابط التي يجب على كل مسلم مؤمن أن يقوم بالانتباه إليها في سلوكياته فيما يخصّ فضيلة الكرم هي :
- لا يقتصر الجود و السخاء في الإسلام على حالة اليسر و الرخاء، بل هو خلقٌ عام لجميع المسلمين كلُ حسب استطاعته.
- شدد القرآن العظيم على إنذار المسلمين من المَنّ، و اعتبار المَنّ مبطِلًا للسخاء و العطاء.
- لا يجب على المعطي ان ينتظر شكر أحد، فهو يعطي لوجه الله و ابتغاء مرضاته.
- ينبغي على المعطي ألّا يتباهى بعطائه و يتفاخر فيه بين الناس.
آيات من القرآن عن الكرم
هناك الكثير من الآيات القرآنية التي بيّنها الله سبحانه و تعالى لعباده.
- قال الله تعالى في سورة البقرة : ” مَثَلُ الينَ ينفِقونَ أموالَهُم في سبيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّةٍ أنبَتَتْ سَبعَ سنابِلَ في كلِّ سنبلةٍ مائةُ حَبَّة و الله يضاعِفُ لِمَن يشاء و الله واسعٌ عَليم “ [3].
- قال الله تعالى أيضًا في سورة البقرة : ” و ما تنفِقوا مِن خير فإنَّ الله بهِ عليم* الذين ينفقونَ أموالهم بالليل و النهار سِرًّا و عَلانية فَلَهُم أجرُهُم عند رَبِهم و لا خوفٌ عليهِم و لا هم يَحزَنون “.
- قال الله تعالى في سورة سبأ : ” و ما أنفقُم مِن شيء فهو يخلِفُه “ [4].
- قال الله تعالى في سورة البقرة : ” و ما تنفِقوا من خيرٍ فلأنفسِكُم و ما تنفقون إلّا ابتغاء وجه الله و ما تنفِقوا من خيرٍ يوفَّ إليكُم و أنتم لا تظلَمون “.
موضوع عن الكرم في العصر الجاهلي
يعتبر الكرم من أبرز الخصال الحميدة الموجودة في العصر الجاهلي لدي العرب، فهو يرتبط ارتباطًا متلازمًا وثيقًا بالواجبات التي يشعر بها المضيف نحو ضيوفه [5]. و يعود هذا لعدة أسباب أهمها :
- طبيعة الحياة الاجتماعية التي فرضت على العرب فيما بينهم حب التباهي بفضيلة العطاء و السخاء و الجود، الأمر الذي ساعد بشكل كبير على انتشار هذه الفضيلة بين القبائل.
- ضرورة التكافل الاجتماعي بين القبائل.
- طبيعة الحياة الصحراوية القاحلة، و التي كان لها السبب الرئيسي في إدراك القبائل العربية لقيمة الضيوف و إكرامهم، كونهم كانوا يعانون من الترحال المستمر للبحث عن الماء و الطعام.
أقوال مأثورة عن الكرم
من أجمل الحكم التي يمكن أن نسمعها، لا و يمكننا حفظها حتى نجعلها نصب أعيننا لنتحلّى دائمًا بهذه الصفة المِعطاءة. و حتّى نغني الحديث في موضوع عن الكرم جمعنا بعضًا من هذه الأقوال الشهيرة :
- من عادة الكريم أنه إذا قدر غفر، و إذا رأى ستر.
- الكرم أن تكون للبذل فيما لا يتحدث عنه الناس، أسرع منك للبذل فيما يشتهر أمره بينهم.
- أعطني و لا تذكر ما أعطيت.
- فلنحاول تعليم الكرم و الإيثار، فنحن نولد أنانيين.
- تنازل الكثيرون عن الكرم من أجل الإحسان.
- إن غنى الغني العقل، و أكبر الفقر الحمق، و أوحش الوحشة العجب، و أكرم الكرم حسن الخلق.
- في الناس من يعطي عطاء متاجر، و آخر يعطي كالسحاب المسحر.
- إن لديّ إعجابًا قلبيًا عميقًا بأبناء الصحراء، هؤلاء إنهم أفقر أهل الدنيا، لكنهم أكرمهم.
- يمكن أن تسمّى سخيّة عندما تجد لذة في العطاء أكثر من الأخذ.
- احذروا صولة الكريم إذا جاع، و اللئيم إذا شبع.
- السَّخاء ما كان ابتداءً، فأمّا ما كان عن مسألة، فحياء و تذمم.
- الجود من الموجود.
- الكرم هو أن تعطي ما أنت بحاجة إليه فعلًا.
- عادة الكريم حسن النيّة.
- من جادّ بماله جاد بنفسه، و ذلك أنه جادّ بِما لا قوام لنفسه إلا به.
- لن تفقد شمعتك شيئًا من نورها، عندما تضيء شمعة أخرى.
- الكرم قوتنا، حتى لو لم يكن الحب كذلك.
أبيات شعرية عن الكرم و الجود
- قال الشعر إيليا أبو ماضي : إنّ الكريم كالرَبيع تحبهُ للحسنِ فيه.
- قال الشاعر بشار بن برد : إنّ الكريم ليخفي عنك عسرته، حتى تراهُ غنيًا و هو مجهود.
- قال المتنبي : إذا الجود لم يرزقْ خلاصًا من الأذى، فلا الحمد مكسوبًا و لا المال باقيا.
- قال أبو فراس الحمداني : أتدعو كريمًا من يجود بماله، و من جادَ بالنفس النفسية أكرم.
- قال دعبل الخزاعي : و إني لأرثي للكريم إذا غَدا، على مطمعٍ عند اللئيم يطالبه.
فليس الكريم الذي يعطي عطيتهُ على الثناء، و إن أغلى به الثمنا، بل الكريم الذي يعطي عطيته لغير شيء سوى استحسانه الحسنا [6]. فإلى هنا وصلنا إلى نهاية موضوعنا عن الكرم الذي لا ينتهي، فالسخاء لا حدٍ له و لا نهاية.
اقرأ أيضًا :
تعرف على انماط التفكير الناقد بشكل كامل
المراجع
- ↑ www.spiritualityandpractice.com | A topic about generosity
- ↑ www.islamreligion.com | A topic about generosity in Islam
- ↑ www.surahquran.com | souret elbakara
- ↑ www.equraninstitute.com | Surah Saba
- ↑ www.arabnews.com | generosity in the pre-Islamic era
- ↑ www.poetrysoup.com | Poetic verses about generosity