الإنفاق في سبيل الله شيء عظيم الأجر و الثواب، فلا تظن أنك إن تصدقت أو أديت فريضة الزكاة قد نقص من مالك شيء، و الدليل على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه و سلم ” مَا نَقَصَ مالٌ مِن صَدَقة “، و قول الله تعالى في سورة البقرة ” مَن ذَا الذِي يقرضُ الله قَرضًا حَسنًا فيضَاعَفَه لَهُ أضعافًا كثيرةً و الله يقبضُ وَ يبسطُ و إليه ترجعونَ “. و لمعلومات أكثر اعمل على تصفية ذهنك قليلًا لتنهل من خير هذه المعلومات الواردة في مقالنا هذا الزكاة في الإسلام.
تعريف الزكاة في الإسلام
هناك تعريفان للزكاة و هما في اللغة العربية و في الشرع الإسلامي. و هما كالتالي :
الزكاة لغةً
تعني الزكاة في اللغة : الزيادة و النَّماء و البركة و الصلاح و الطهارة في الحواس المعنوية و المادية، فهي تساهم في تطهير الشخص الذي يقوم بإخراجها إلى مستحقها من الذنوب و الآثام. و كما يمكن إطلاق مصطلح ” الصَدَقة ” على الزكاة، و هذا يدل على صدق المؤمن المسلم في عبوديته لله تعالى و طاعته، كما في قوله سبحانه و تعالى في سورة التوبة : ” خذْ مِن أموالِهم صَدَقةً تطهِّرهم و تزكيّهم بِها “، و من تفسير الآية نجد أن الزكاة هي صدقة تطِّهر صاحبها من البخل و الشحّ و الآثام، و تساهم في تنمية أمواله بركةً مع عظيم الأجر الذي سيناله [1].
الزكاة شرعًا
اصطلاحًا و شرعًا تعرَف الزكاة على أنها : إخراج المسلم لقدر محدد و معين من المال الذي بلغَ النِصاب، و ذلك لمن يستحقها و ضمن شروك محددة. و كما نجد أيضًا عدة تعاريف للزكاة من قِبَل الفقهاء، و ذلك وفق ما يلي :
-
المذهب الحنفي
عرّف الحنفي الزكاة شرعًا في الإسلام : ” تمليك جزء مخصوص من مال مخصوص لشخص مخصوص عيَّنه الشارع لوجه الله تعالى “.
-
المذهب الشافعي
الشافعية عرَّفوا الزكاة بأنها : ” اسم صريح لأخذ شيء مخصوص، من مال مخصوص، على أوصاف مخصوصة، و لطائفة مخصوصة “.
-
المذهب المالِكي
عرَّف المالكية الزكاة على أنها : ” إخراج جزء مخصوص من مال مخصوص بَلَغَ نصابًا لِمستحقِّه إن تمَّ المِلك، و حَول غير معدن و حَرث”.
-
المذهب الحنبلي
آخر تعريفات الزكاة عند الحنابلة هي : ” حقٌ واجب في مالٍ مخصوص لطائفة مخصوصة في وقتٍ مخصوص”.
وبذلك نجد أن تلك التعاريف جميعها تشترك باعتبارها الزكاة تخصيص جزء محدد من المال الذي بَلَغَ النِّصاب، وبحيث أن هذا المال بمجرد أن يقوم صاحبه بإخراجه فلن يعود ملكًا إليه.
حكم الزكاة في الإسلام
- إن الزكاة من أعظم الفرائض التي ثبتت في القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة و الإجماع.
- هي فرض على كل مسلم مقتدر عاقل.
- من أدلة ثبوتها ضمن القرآن الكريم قوله تعالى : ” و أقيِموا الصلاة و آتوا الزكاة و اركعوا مع الراكعين “.
- وأمّا في السنة النبوية فإحدى أدلة ثبوتها هو قول عليه الصلاة و السلام : ” بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله، وإقامة الصلاة، و إيتاء الزكاة، و الحج، و صوم رمضان “.
- و قد فرضَت الزكاة في العام الثاني للهجرة و هو نفسه الوقت الذي فرِضَ فيه الصيام.
- ذكرت الزكاة في القرآن الكريم ثلاثة و ثلاثين مرة.
مستحقو الزكاة في الإسلام
إن من يستحق الزكاة في الإسلام الذين حددهم الله تعالى في قوله في سورة التوبة ” إنَّما الصَّدَقات لِلفقراء و المَساكين و العامِلينَ عليها و المؤَلِّفةِ قلوبُهم و في الرِقاب و الغارمينَ و في سبيل الله و ابنِ السبيل فريضةً من الله و الله عليمٌ حكيمٌ “. و هم سبعة أصناف كالتالي سنقوم بذكرها ثم نشرح كل فئة منهم على حِدا :
- أصحاب الديون
- المساكين و الفقراء.
- المؤلفة قلوبهم.
- العاملين على شؤون الزكاة.
- المسافر المنقطع
- في سبيل الله تعالى.
- عتق الرِقاب.
1- أصحاب الديون
في الحقيقة أن هناك تعدد في أقوال الفقهاء لتعريف من هم أصحاب الديون و هم نفسهم ” الغارمين “. و أمّا الجمهور فصنَّفهم إلى صنفين :
-
الغارم لنفسه
من ضمن مستحقي الزكاة في الإسلام ” الغارم لنفسه ” و هو الذي يستدين و يقترض من الآخرين من أجل منفعته الشخصية، مثل كِسوة اللباس أو الزواج أو السكن أو المرض و غيرها من الأمور، و لكنه لا يملك ما يَقضي به هذا الدَين مع العلم أن سبب الدَين هو للمنفعة المباحة و ليس للمعصية. و حتى يستحق هذا الشخص الزكاة ينبغي أن تتوفر فيه هذه الشروط الآتية :
- أن يكون مسلمًا.
- ألا يكون الدَين من أجل الحَرَام.
- عدم قدرة المستحق على سداد الديون.
-
الغارم لمنفعة المجتمع
هو من يستدين من أجل أن يصلح بين الناس أو ليكرم الضيوف، حيث يمكن إعطائه من مال الزكاة حتى و لو كان غنيًا، و الأصل في جواز ذلك هو قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم : ” تَحَمَّلَت حَمالة، فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه و سلم أسألهُ فيها، فقال : أقِم حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها، ثم قال : يا قَبيِصة إنّ المسألة لا تحِلُّ إلّا لأحدِ ثلاثةٍ : رجل تَحَمَّلَ حَمالة، فَحَلَّت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسِك “. فإذن يعطى للغارم الذي يقترض من أجل الإصلاح بين المتخاصمين، و ذلك من أجل تشجيع الناس على التحلّي بمكارم الأخلاق. و كما اشترط الحنفية بأنه يجب ألا يكون الغارم مالِكًا للنّصاب الذي يزيد عن دينه حتى يستحق الزكاة.
2- المساكين و الفقراء
إن الله تعالى جمع بين المساكين و الفقراء في آية الزكاة، مع حرف العطف الذي ربما قد يفهمه الكثيرون على أنه هناك فرق بينهما، و لكن المساكين هم صنف من الفقراء الذين يتعففون عن الطلب فيظنهم الأغنياء بأنهم غير محتاجون، فالفقراء و المساكين يستحقون الزكاة كونهم لا يجدون ما يكفيهم لسدّ احتياجاتهم الأساسية مثل اللباس و الأكل. فيتم إعطائهم من الزكاة بالقدر الذي يسدّ حاجاتهم و يكفيهم.
3- المؤلفة قلوبهم
من مستحقو الزكاة في الإسلام هم الذين يطاعوا في قبائلهم من أجل تقوية عزيمتهم على الإيمان أو دفع شرورهم، فقد يكونون من ضمن الفئة المسلِمَة أو الغير مسلِمَة، فإن كان من الفئة الغير مسلِمة فتكون الغاية من إعطائه الزكاة هي ترغيبه في الإٍسلام أو دفع أذاه عن المسلمين أو قد يكون مسلمًا و لكنه ذو إيمان ضعيف، حيث جاء عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه و سلم بأنه أعطى الكفّار من الزكاة من أجل تأليف قلوبهم، فأعطى ” صفوان بن أميَّة ” و ” أبا سفيان ” و غيرهم الكثير.
4- العاملين على شؤون الزكاة
هم الذين يقوم الحاكم أو الدولة الإسلامية بتوظيفهم كجُباة الزكاة، وذلك من أجل جمع أموال الزكاة و من ثم توزيعها لِمَن يستحقها، فاشترط الفقهاء في هذه المهمة أن يكون من يترأس هذا الأمر : ” مسلِمًا، أمينًا، عالِمًا بكل أحكام الزكاة، ذَكرًا، فيمكنهم أن يأخذوا من أموال الزكاة بالقدر الذي تحدده الدولة و وفق الشروط التالية :
- عدم الزيادة عن ثمن الزكاة.
- ثم ألا تزيد عن أجر المِثل حتى وإن كان العامل ميسور الحال.
- ألا يقبل العامل الهدايا المادية أو العينية أو أي نوع آخر.
- يجوز لهم الأخذ من أموال الزكاة من أجل تحضير مكان عملهم و تجهيزه.
- أن يتحلَّى العامل على شؤون الزكاة بالأخلاق الفاضلة و الآداب الإسلامية.
- أن يكون العامل مسؤولًا عن الأموال التي بين يديه، فهو سيحاسب عن أي تلف بها إن كان بسبب تقصير منه أو إهمال.
- يجوز للدولة أو الحاكم أن يتابع العامل على شؤون الزكاة و محاسبته.
5- المسافر المنقطع
إن المسافر المنقطع الذي يستحق الزكاة هو من انقطع في سفره و لكن لا يملك ما يجعله قادرًا على الوصول إلى بلده، حتى و إن كان غنيًا في بلده، و هذا النوع الأول، أمّا النوع الثاني فهو : مَن كان يعيش في بلده و لكنه يريد السفر من أجل المنفعة أو الطاعة و ليس لديه من المال ما يكفيه لأجل أن يسافر، مثل السفر من أجل الحج أو من أجل العلاج و الكثير غير ذلك.
6- في سبيل الله تعالى
مِن مستحقي الزكاة في الإسلام هم الذين يجاهدون في سبيل الله تعالى، هم الغزاة الذين يكونون على أنواع كالتالي :
- المجاهدون الذين يملكون راتب لا يكفيهم أو الذين لا يملكون راتبًا، فهؤلاء تجوز لهم الزكاة من أجل تجهيز أنفسهم بالعتاد و السلاح لمقاتلة الأعداء.
- الدعاة إلى توحيد الله تعالى و طاعته، الذين يتفرَّغون لتعليم كتاب الله و طلب العلم، و لكن بشرط أن يكونوا فقراء لا يملكون سوى رزق قليل لا يكفيهم، أو لا يملكون راتبًا أصلًا.
- الحجّاج الفقراء الذين يريدون أداء فريضة الحج و لا يملكون المال الكافي.
7- عتق الرِقاب
إنّ الرِقاب يقومون على ثلاثة أقسام. و هم كالتالي :
-
افتداء الأسير من العدو
هم المكاتبون المسلمون ( المكاتبون هم الذين اشتروا أنفسهم من سيّدهم بمال مؤجل حتى يحرر نفسه من عبودية سيّده ) الذين لا يقدرون على إعتاق نفسه، فيعطى من مال الزكاة في الإسلام حتى و لو كان قادر على الكسب.
-
المُكاتب المسلم
حسب قول الجمهور من الفقهاء فيجوز إعطاء المكاتب المسلم من مال الزكاة لتحرير نفسه و فكِّ رقبته، و لكن المالكيّة لم تَجِز إعطائه من مال الزكاة.
-
العَبد المسلم
خمسة أصناف لا تصح لهم الزكاة في الإسلام
هناك خمسة أصناف مِمَّن لا تجب لهم الزكاة في الإٍسلام. و هم كالتالي :
- آل البيت و هم آل النبي محمد صلى الله عليه و سلم من بني هاشم و مواليهم
لقوله عليه الصلاة و السلام : ” مولى القوم من أنفسهم و إنّا لا تحل لنا صدقة “.
- الأغنياء القادرون على الكسب
و ذلك لقول النبي صلى الله عليه و سلم : ” لا حظَّ فيها لغنيٍ، و لا لقويٍ مكتسِب “، باستثناء الأغنياء العاملون على شؤون الزكاة و الغارمون.
- الأصول و الفروع و مَن تلزم نفقته
نعني بالأصول والفروع الوالدين وإن عَلَى مثل الأجداد، و الأبناء وإن نَزَل مثل الأحفاد، و ذلك لأن دفع النفقة لهم يغنيهم عن استحقاق الزكاة، إلا في حال دَين الأب فيجب أن يقوم بسداده ابنه بسبب أن الابن ليس واجبًا عليه أن يقوم بسداد دين أبيه.
- العَبد
نقصد بالعبد الذي يكون ملك لسيّده، فلا تجوز له الزكاة لأن ماله هو ملك سيّده، باستثناء المكاتبين الذين تحدثنا عنهم في فقرة المستحقين للزكاة في الإسلام.
- الكفّار ما عدا المؤلفة قلوبهم
شروط وجوب الزكاة
حتى تَجِب الزكاة عن صاحبها، ينبغي أن تتوافر لديه الشروط الآتية :
1- الإسلام
الإسلام شرط صحة وجوب الزكاة، فلا تجوز الزكاة لغير المسلم.
2- العقل
لا تجوز الزكاة للمريض المجنون، و لكن تجوز في ماله بحيث يخرجها وليَّه عنه، و ذلك حسب قول الجمهور.
3- البلوغ
حيث يجب أن تكون بالغًا عاقلًا لتخرج زكاة مالك، و إن كان للفتى فلا مانع من إخراج وليَّه عنه زكاة ماله، و هذا قول الجمهور على عكس الحنفية.
4- بلوغ النِّصاب
حيث يبدأ نصاب الغنم بأربعين شاة، وعن الإبل بخمسة، و عند البقر بثلاثين، أمّا الذهب فنصابه هو عشرون مِثقالًا، و الفضة مئتا درهم، أما الثمار و الزرع فيبلغ نصابه خمسة أوسق أي ما يعادل 653 كيو غرام.
5- المِلك التام
أي لا زكاة في المال الذي يكون لعامة الناس، مثل الزرع الذي ينبت في أرض ليست مِلك أحد. مع الاشتراط أيضًا بالقدرة على التصرف في المال، أي لا زكاة على السيّد في مال عبده، و لا زكاة لشخص في مال الآخرين لأنه لا يملك حق التصرف فيه.
6- نماء المال المستخدم في الزكاة
يقصد بهما الفضة و الذهب، أو ما قد يحلّ مكانهما من الرِّكاز ( هو الكنز المدفون الذي لا يملكه أحد ) المعادن و الثمار و الزروع، و الأوراق النقدية والأنعام، و حتى عروض التجارة.
7- حولان الحول
هو الحول القمري على المال، وقال بعضهم يكفي أن يتوافر النصاب في بداية الحول و في نهايته و لا بأس إن تناقص في أثناء الحول.
8- الزيادة عن الحاجات الأساسية
مثل اللباس و السَكَن و النفقة وغير ذلك.
9- خلو المال من الدين
هذا شرط عند الحنفية باستثناء الثمار و الزروع، أمّا عند المالكية فهو شرط باستثناء النقدين، بينما عند الحنابلة فلا يوجد استثناء لهذا الشرط، في حين أن الشافعية لا يجدونه شرطًا.
10- الحرّية
أي لا تجب الزكاة للمُكاتب أو العبد الذي كما سبق و ذكرنا بأن ماله لسيّده.
أنواع الزكاة في الإسلام
هناك تصنيف بسيط لأنواع الزكاة التي يجب على المسلم إخراجها في حال حقق شروط وجوبها عليه. و هذه الأنواع كالتالي :
- زكاة الفضة و الذهب.
- زكاة الفطر ( يتم إخراجها خلال شهر رمضان ).
- الزكاة التي تعتمد على ما يخرج من الأرض.
- زكاة الأنعام.
- زكاة التجارة.
إلى هنا نصل إلى نهاية مقالنا الذي كان مليئًا بالمعلومات، و التي يجب على كل مسلم أن يعرفها.
اقرأ أيضًا :
اقرأ روعة وعبر قصة النبي موسى والخضر
المراجع
- ↑ ما هي الزكاة؟ | www.zakat.org