قصة النبي موسى عليه السلام مليئة بالأحداث التي ستتعلَّم منها دروسًا في الصبر والتواضع، وتعتبر قصته إحدى أكثر قصص الأنبياء شهرة . فهلَِموا معنا لنتعرف معًا قصة كليمُ الله.
نَسَب النبي موسى عليه السلام
هو موسى عليه السلام بن عمران بن قاهث بن عازر بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن ابراهيم عليهم السلام. أما أمه فاسمها يوخابد وامرأته هي صفورا بنت شعيب عليه السلام.
صفات موسى كليمُ الله
وصف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم النبي موسى عليه السلام حين أسري به في ليلة حيث قال : ” ليلة أسريَ بي لقيتُ موسى رَجِلَ الرَأس كأنَّه من رِجال شَنُوءة “، فأمّا شنوءة هي قبيلة يعرف أفرادها بصفات خَلقية، منها : خفيفو اللحم، ممشوقو القامة، رَجِلّو الرأس (أي أنهم شعرهم متوسط النعومة، ليس بالمجعّد ولا بشديد النعومة)، وهناك رواية أخرى وصف فيها الرسول محمد صلي الله عليه وسلم النبي موسى عليه السلام، حيث قال : ” رأيتُ ليلةَ أسريَ بي موسى، رجلًا آدمَ، طوالًا جَعدًا، كأنه من رِجال شَنوءة ” . فالرجل الآدم فهو شديد السمرة، ومعنى الجعد أي صاحب الشعر الملتوي والطوال أي طويل القامة. وتلك الصفات من القوة والبأس، ومن أهم صفات النبي موسى عليه السلام القوة .
النبي موسى عليه السلام قبل النبوة
فرعون وبني إسرائيل
كان هناك عداوة بين بني إسرائيل والقبط، والقبط هم المصريون الأصليّون ومن بعدهم أتى الفراعنة. أمّا بنو إسرائيل فهم أبناء النبي يعقوب عليه السلام، وقد جاؤوا من فسلطين إلى مصر عند أخيهم النبي يوسف عليه السلام وأصبحوا عزيزين في مصر بفضل أخيهم يوسف عليه السلام. فأصبح القبطيون يكرهونهم ويغارون منهم فنَشَبَت حروب ومعارك انتهت بانتصار القبطيون. وبعد أجيال حكمهم الفراعنة وأخذوا يقتلون بني إسرائيل ويسفكون دمائهم ويستخدمونهم عبيدًا، حتى جاء فرعون الطاغية شديد القوة والبطش. سماه القرآن باسمه فرعون ” إن فرعون علا في الأرض ” .
آسيا زوجة فرعون
زوجة فرعون هي ” آسيا بنت مزاحم “، كانت من المؤمنين الموحِّدين. أراد فرعون الزواج منها رغم صغر سنها، فتزوجته كرهًا وعاشت معه وهي تبغضه.
قصة ولادة النبي موسى عليه السلام
رؤيا فرعون الظالم
في إحدى الليالي رأى فرعون في نومه رؤيا أفزعته، رأى في منامه نارًا تخرج من بيت المقدس، تأتي إلى مصر فإذا وصَلَتْ أحرَقَت كل الفراعنة والقبطيين ولكنها لن تمسّ الإسرائيليين بشيء. فقصَّ فرعون رؤياه على الكهنة لعلهم يعرفون تفسير هذه الرؤيا المخيفة الغريبة. فأجمعوا على أنَّ هناك غلام من بني إسرائيل سيولد قريبًا وسيكون هلاك فرعون على يديه.
وبعد تفكير عميق تَوَصَّلَ فرعون إلى أنه سيقتل كل أبناء بني إسرائيل حتى لا يولد منهم صبي، وفعلًا كلما ولدَ صبي قتلوه، حتى جاءه وزراءه فقالوا له يا فرعون من نستخدم عبيدًا لنا إن كنت تقتل جميع الصبيان . فقرر أن يذبح الصبية سنة ويتركهم سنة .
ولادة موسى عليه السلام
في هذه الأجواء الصعبة حمِلَتْ أم موسى وعرفت أنها حاملٌ بصبي، فخافت عليه من بطش فرعون لأنَّ ولادته سوف تكون بسنة ذبح فرعون للصبية، فأوحى الله تعالى إليها أن تقوم بصنع صندوق صغير وتضعه بداخله، فإذا خافت عليه تدفعه في ماء النهر-نهر النيل-وتتوكل على الله. وأوحى إليها الله تعالى أيضًا أنه سيرجع إليها وسيكون رسولًا من رسل الله. وبذلك فعلت أم موسى ما أوحى الله تعالى إليها. فوصل الصندوق وبداخله موسى عليه السلام إلى قصر فرعون فوجدته إحدى خادمات فرعون، فذهبنَّ به إلى آسيا زوجة فرعون ففتحت الصندوق وإذ بها تجد طفلًا رضيعًا بداخله، أحبته حبًّا جّمًّا من أول ما نظرت إليه وتعلَّقت به كثيرًا. فعرف فرعون أنّ هذا الرضيع من بني إسرائيل فقال اقتلوه. فَتَدَخَلَّت زوجته وتوسلت إليه ألّا يقتلوه.
عودة الطفل موسى عليه السلام إلى أمه
كادت أم موسى أن تخرج بين الناس وتفشي سر رضيعها الذي ألقته في النهر لولا أن ربط الله على قلبها وثبتها، فطلبت من ابنتها الكبيرة أن تبحث عن أحيها، فإذا بها تجده في قصر فرعون. ورأت تَجَمُع النسوة اللاتي تحاولن إرضاع الطفل موسى عليه السلام وهو يرفض، وإذا بمنادي في القصر يخرج وينادي من يرضِع هذا الطفل، وتَقَدمنَ كلهن تردن إرضاعه فأبى ولا يقبل من أي مرضعة. ففي هذا الوقت دخلت أخت النبي موسى عليه السلام وقالت : هل أدلكم على أهل بيت يرضعونه، فأجابت زوجة فرعون : آتِ بها ولها ما تريد من المال. فإذا بأخت موسى تذهب راكدة إلى أمها لتخبرها ما جرى، فذهبت أم موسى إلى قصر فرعون، فلَّما رأت ابنها انفطر قلبها وكادت أن تبدي الأمر لولا تثبيت الله لها، فأرضَعَته وقرَّت عينها برجوع موسى إلى حضنها بفضل الله سبحانه وتعالى.
قصة قتل نبي الله موسى عليه السلام لرجل من رجال فرعون
وفي يوم من الأيام دخل موسى عليه السلام إلى المدينة وقت الظهيرة فوجد رجلين يقتتلان، حيث وجد القبطي وهو رجل من رجال فرعون يضرب رجل ضعيف من بني إسرائيل، وينادي الرجل الضعيف من ينقذه من ظلم القبطي ولم يكن هناك أحد إلا موسى عليه السلام، فإذا بالنبي موسى عليه السلام يذهب إلى الصوت الذي ينادي، فقال يا موسى أدركني فأسرع موسى لإنقاذه قبل أن يموت، فأبعد النبي موسى عليه السلام بيده القوية فسقط القبطي على الأرض ومات، بالطبع لم يقصد موسى أن يقتله وإنما إبعاده عن الرجل الذي لا قوة له. لكنه عليه السلام كان قوي البنية فهو من أولو العزم .
ماذا فعل موسى عندما مات رجل فرعون
أخذ النبي موسى عليه السلام يستغفر ربه، قال : ” رَبِّ إنّي ظَلَمتُ نَفسِي فاغفِر لي “، وأمّا الرجل من بني إسرائيل فقد هرب. وبعدما انتشر الخبر ورأوا أنَ رجلًا قبطيًا قد مات، أرادوا أن يعرفوا من قتله، وخاف موسى من ذلك كثيرًا. فلا أحد يعلم بهذه القصة سوى الرجل الذي أنقذه موسى من القبطيّ، فإذا بنفس الرجل الذي أنقذه فعل نفس المشكلة مع قبطيّ آخر واستنجد موسى عليه السلام مرة أخرى، فقال موسى له : إنك لغوي وصاحب مشاكل، وبالرغم من هذا اقترب موسى لينقذه ولكن ظن الرجل أنه سيقتله، فإذا به يصرخ يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسًَا بالأمس . فانكشف السر وسمع الناس هذا الخبر. فجاء رجل إلى موسى ينصحه بالهروب إلى خارج مصر قبل أن يجدوه.
قصة النبي موسى عليه السلام في مدين
هرب موسى عليه السلام إلى مدينة اسمها : مدين، أهلكه جوع وعطش السفر وهو حافي القدمين، فوجد من بعيد بئر فأسرع إليه ليشرب من الماء ويروي عطشه، فإذا بفتاتين تقفان على جهة أخرى بعيدة عن الرجال كانتا تنتظران دورهما بالسقاية، فسألهما موسى عليه السلام لِمَ واقفتان هنا، فأجابوه بكل أدب أنهم لا يختلطون مع الرجال، فسقى لهما لأن لهم أب كبير بالعمر. غير أنّ الفتاتين أسرعتا إلى أبيهما لتخبراه بما حصل. فذهبت إحداهما إلى موسى عليه السلام وقالت له : إن أبي يريد أن يشكرك. فطلب منها أن تمشي خلفه وهي تدلي بالحصى أمامه على الطريق حتى وصل وأخبر الشيخ الكبير بما حدث معه، فقال له : لا تقلق، لن يصل فرعون وقومه إلينا فهو لا يعرف مكاننا. ولأجل ما رأى الشيخ من أدب موسى عليه السلام عرض عليه الزواج بإحدى ابنتيه، فوافق موسى وتزوج ابنته.
لقاء النبي موسى عليه السلام ربه
بعد أن قضى عليه السلام ما عليه من مدة اشتاق لأهله، فأخذ زوجته وأولاده وانطلق قاصِدًا مصر ولكنه في تاه الطريق، فرأى من بعيد نارًا، فترك أهله ليذهب إليها فعسى أن يأتي لهم بالدفء أو قد يجد من يرشده إلى طريقه، إلا أن النار كانت تشتعل لوحدها بالقرب من شجرة خضراء، وفجأة سمع صوت يناديه ” يا موسى “، فإذا به يلتفت ليرى من يناديه فلا يرى أحد!، فأجابه الله عز وجل : ” إني أنا الله رب العالمين ” اخترتك يا موسى أن تكون نبيًّا فاخلع نعليك إنك الآن في الوادي المقدس الذي سيغدو مسجدًا تصلي فيه الناس.
معجزات الله لموسى عليه السلام
طلب الله عز وجل من موسى أن يلقي بعصاه التي كان يحملها، فإذا بالعصا تهتز وتتحول إلى ثعبان عظيم. فخاف موسى عليه السلام وهرب ولم يلتفت وراءه، فناداه الله عز وجل أن أقبِل ولا تَخَف، إنها معجزة من الله!، فأخبره أنه عندما يلمسها مرة أخرى ستعود إلى عصا. فأما المعجزة الثانية : أن أدخِل يدك في جيبك يا موسى ثم أخرجها، فإذا بها ناصعة البياض من غير مرض ولا برص. وما أريده منك يا موسى أن تذهب إلى فرعون الذي يدعو أن الرب الأعلى وتريَهُ هذه الآيات التي أيدتك بها. فعسى أن يهتدي ويرسل معك بني إسرائيل.
النبي موسى عليه السلام وفرعون
لقاء بين موسى وفرعون الطاغي
ذهب موسى عليه السلام إلى مصر ليدعو فرعون إلى عبادة الله، فطلب من الله تعالى أن يجعل أخاه هارون معه ليعينه على أداء الرسالة، فهو أفصح منه لسانًا. وذلك بسبب اللثغة التي أصيب بها وهو طفل عندما أمسك الجمرة والتدغ بها لسانه. فلا شك أن فرعون استغرب من مجيء موسى وسأله لِما أتيت إلى هنا؟ فأجابه موسى إني أدعوك إلى عبادة الله وحده. فردّ فرعون لقد كبرت وتربيّتَ في هذا القصر وتريد منّا أن نغيَِر ديننا ؟، بل إنك حتى قتلت رجل من رجالي. فاعترف موسى عليه السلام أنه ما كان هذا إلا خطاً وهرب خوفًا، ثم عاد ليبلِّغ رسالة ربه. فأجاب فرعون باستهزاء وتكبر : من ربك؟ فأجابه بكل جرأة ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، فاستشاط فرعون غضبًا : كيف تتجرأ أن تقول إن هناك إلهٌ غيري!، فأجاب موسى بكل ثقة : من خَلَقَ فرعون ومن قبله . إنه الله .
رؤية فرعون لمعجزات موسى
فإذا بفرعون يتهم موسى عليه السلام بأنه مجنون، وإذا بموسى يقول بكل ذكاء : أريد أن أريك ما عندي، فقال : أرني. فرمى موسى العصا فإذا هي ثعبان مبين، فخاف كل من في القصر. فأما المعجزة الثانية : أخرج يده بيضاء من غير برص. فبرأيكم ماذا فعل فرعون ؟ هل انهزم أم تحدى موسى ؟، فخاف فرعون أن يفتن موسى الناس فاتهمه بأنه ساحر وتحداه وطلب من موسى أن يختار اليوم والوقت الذي يناسبه للتحدي، وبالطبع استغلَّ موسى هذه الفرصة واختار يوم العيد ليجمع الناس وقت الضحى حتى لا يخفى على الناس شيء.
وإذا بفرعون يحشر كل الناس من بني إسرائيل ومن أهل مصر وحتى أفضل السَحّرة. فقد قيل أنهم بلغوا الآلاف واشترطوا عليه أ ن يعطيهم المال إن فاز بالتحدي.
تحدٍّ كبير بين فرعون و موسى عليه السلام على مرأى الناس
بدأ التحدي وبدأوا بإلقاء ما لديهم بطلب من النبي موسى عليه السلام، فقالوا : بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون، وإذا بالعصي تتحول إلى ثعابين. وبذلك خاف موسى أن يرتدوا عن دعوته وسحروا أعين الناس وأخافوهم وبالطبع فرح فرعون بما حصل. فإذا بوحي من الله أن ألقِ عصاك يا موسى، فلما ألقاها تحولت إلى ثعبان وأكلت كل الثعابين الملقاة، فغلب السحرة أمام هذا المشهد الحقيقي المخيف، وعرفوا أن هذا الذي حصل ليس من صنع البشر وسجدوا لله تعالى. فنشر فرعون بين الناس أن موسى هو كبير السحرة، وهدد سَحَرَته إن لم يتراجعوا سيقطِّعهم إربًا وليصلبنهم على جذوع النخل، ولكن السحرة أصَّروا على اعترافهم بالحق أن هذا من عند الله تعالى، إلا أنّ فرعون ذبحهم جميعًا. سبحان الله! ، السحرة الذين كانوا كفارًا أصبحوا شهداء.
عذاب الله لفرعون وقومه في قصة النبي موسى عليه السلام
صّبَ فرعون غضبه على بني إسرائيل الذين كانوا هذه المرة تحت قيادة النبي موسى عليه السلام الذي يحثَّهُم على الصبر، ولكن استمرت سخرية فرعون ووزيره هامان وتكذيبهما بالله تعالى، حتى أن فرعون طلب من وزيره هامان أن يبني له برجًا يطّلِع به إلى إله موسى. فأول ابتلاء ابتلاه الله لفرعون وقومه الذين كفروا منهم : هو القحط وموت المواشي، وأما البلاء الثاني: الطوفان وغرقهم بنهر النيل، وللبلاء الثالث حكاية أخرى : فقد سَلّطَ الله عليهم القمَّل فانتشرت في رؤوسهم فأكلتها، وانتشرت الضفادع في كل مكان من حولهم، وتحولت مياههم إلى دماء. والجدير بالذكر أن في كل ابتلاء ابتلاهم الله به يطلبوا من موسى أن يدعو الله لهم أن يرفع عنهم الرجز والعذاب. فلّما يرفع الله عنهم ذلك يعودوا إلى طغيانهم بل ويزدادوا كفرًا.
انشقاق البحر في قصة النبي موسى عليه السلام
بعد الابتلاءات التي ابتلى بها الله فرعون وقومه الذين كفروا رضخ فرعون وسمح للنبي موسى عليه السلام أن يهاجر ببني إسرائيل، فاستعدوا وانطلقوا ليلًا بما يقارب ستمئة ألف إنسان من مصر إلى فلسطين. فأمر فرعون الطاغي بجمع الجيش ليتبعوهم ويمنعوهم ظنًا منه أنهم سيهربون. فوصل موسى ومن معه إلى شاطئ البحر وإذ بفرعون وجنوده يلحقونهم . البحر من أمام موسى والعدو من خلفه، وكاد فرعون أن يصل إليهم ويقتلهم فأوحى الله تعالى للنبي موسى عليه السلام أن يضرب البحر بالعصا التي كانت معه، فانشق البحر نصفين وصار كجبلين بينهما طريق، فمشوا كلهم بين البحرين حتى تجاوز البحر، وفرعون كاد أن يصل إليهم فأراد موسى أن يضرب بالعصا مرة أخرى ليعود البحر كما كان. ولكن الله أوحى إليه ألا تفعل ذلك لحكمة أرادها الله.
غرق فرعون وقومه الكفّار في قصة النبي موسى عليه السلام
ففرعون متردد أيدخل أم لا؟ . وإذا بالمَلَك جبريل ينزل لِيَحِثّ فَرَس فرعون أن يدخل بالرغم من أنه متردد وقد لا يريد ذلك لأنه يعلم أن موسى نبي من أنبياء الله. فدخل البحر مرغمًا وما إن دخلوا ووصلوا إلى منتصف الطريق أعاد الله البحرين ورجع كما كان. ولكن قبل أن يموت قال : آمنتُ بإله بني إسرائيل وجبريل يضع الطين في فمه. ولكن لن تنفعه التوبة، وبذلك حفظ الله جسد فرعون إلى الآن ليكون آية للناس .
الختام
إلى هنا أصلُ وإياكم إلى ختام مقالنا هذا ” قصة النبي موسى عليه السلام موقنة وإياكم أن الإيمان بالله تعالى وحده هو سر قوة المؤمن، كما رأينا من الصبر والجَلَدِ من موسى ما رأينا. فلنتعلم الصبر وقوة الإرادة من قصص الأنبياء .
اقرأ أيضاً :
اقرأ روعة وعبر قصة النبي موسى والخضر